“آنتي وور”: واشنطن تجوّع السوريين وتدمر بلادهم بحجة إنقاذهم

الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:

في السنوات الأخيرة، حولت حكومة الولايات المتحدة المجاعة إلى سياسة رسمية، عاقدة العزم على إجبار الدول المعادية على الانصياع لإرادتها، إذ تفرض واشنطن بشكل متزايد عقوبات اقتصادية باستخدام الهيمنة المالية الأميركية لمعاقبة الأفراد والشركات وحتى الحكومات الأجنبية.
وكان من بين أهدافها الرئيسية كوبا وإيران وكوريا الشمالية وسورية وفنزويلا، وكان الهدف إحداث دمار اقتصادي – وقد نجحت هذه السياسة بهذا المعنى فقط، لكنها لم تستطع تغيير سياسة تلك البلدان.
علاوة على ذلك لم تحقق إدارة ترامب السابقة في أي حالة أهدافها السياسية، ولا يزال أتباع الزعيم فيديل كاسترو يديرون كوبا، ورفضت طهران تسليم سياستها الخارجية لواشنطن، وكيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية لم يجعل أسلحته النووية متاحة للنقل إلى الولايات المتحدة، أما سورية فقد رفضت التخلي عن سياستها المقاومة لأميركا و”إسرائيل”.
وكذلك مع نيكولاس مادورو في فنزويلا كانت سياسة واشنطن فاشلة، كل ما نجحت فيه هو معاناة بشرية هائلة على الدول الخمس، لكن لم ينهر أي منها، لنأخذ سورية على سبيل المثال، التي لا يزال قسم منها محتلاً ومدمراً بعد عقد من الحرب.
تحتل القوات الأميركية بشكل غير قانوني جزءاً من المنطقة الشرقية، وتواجه أحيانًا جنودًا سوريين، على أراضيها، وقوات حليفة من روسيا وإيران بدعوة من الحكومة الشرعية، وهناك جنود أتراك يحتلون الأراضي السورية، وبرر دونالد ترامب دور إدارته غير المشروع بأنه ضروري للاستيلاء على النفط السوري، الذي كان يأمل في سرقته وبيعه.
بدأت إدارة أوباما بمحاولة الإطاحة بالحكومة وزعزعة الاستقرار في سورية، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، بعد أن استعانت بالمتمردين “المعتدلين” المزعومين الذين يعانون من نقص شديد بالدعم الداخلي، وانشق العديد منهم أو استسلموا لجماعات أكثر تطرفاً بعد أن دربتهم الولايات المتحدة وسلحتهم وضمت إليهم الكثير من المرتزقة من أصقاع الأرض.
أنفق أحد برامج البنتاغون نصف مليار دولار لمساعدة المتمردين في الميدان السوري، معظمهم قُتلوا أو أُسروا على الفور، وانتهى الأمر بالمعدات الأميركية في أيدي تنظيم القاعدة، المجموعة التي زعمت واشنطن أنها تقاتلها في كل مكان على وجه الأرض، واستمرت إدارة ترامب بالخداع، واعترف جيمس جيفري سفير ترامب بتضليل الجمهور الأميركي بشأن عدد القوات الأميركية المتمركزة في سورية.
بعد أن فشلوا في إخضاع سورية لسياستهم عسكرياً قرر الكونغرس والإدارة اتخاذ مسار احتياطي: سوف يجوعون الشعب السوري.
كانت البلاد بالفعل تحت العقوبات، لكن هذه القيود لم توقف الاقتصاد بأكمله، لذلك في أواخر عام 2019، وافق الكونغرس – حيث يتخيل جميع الأعضاء البالغ عددهم 535 تقريبًا أنفسهم على أنهم وزراء خارجية غير رسميين – على قانون حماية المدنيين في سورية الذي يحمل اسم “قيصر”.
دخل هذا الإجراء حيز التنفيذ في حزيران الماضي، وكما أصبح شائعاً، طبقت واشنطن قواعدها على أي شخص آخر على هذا الكوكب، ما أدى فعليًا إلى عزل سورية عن الكثير من الاقتصاد العالمي. وبدأ الأجانب بالفرار من السوق السورية قبل دخولهم حيز التنفيذ.
تقول صحيفة واشنطن بوست: “لقد ساهموا بالفعل في زعزعة الاقتصاد السوري منذ فترة طويلة”، للأسف كان الغرض من الإجراء واضحًا وقاسياً وهو إفقار الشعب السوري ومنع إعادة إعمار بلاده.
في الواقع أن مثل هذه القسوة قد حجبت سياسة الولايات المتحدة لفترة طويلة، وبعيدًا عن كونها بديلاً إنسانيًا للحرب، فإن العقوبات الاقتصادية تفرض بعضاً من أسوأ آثار الصراع على المدنيين”، كما لم يتردد المسؤولون الأميركيون في قبول الخسائر الجانبية الكبيرة.
مادلين أولبرايت هي المسؤولة عن سلسلة من التعليقات المتغطرسة والطائشة حول السياسة الخارجية، ولعل أشهر زلاتها كان ردها على سؤال حول وفاة نصف مليون طفل عراقي بسبب العقوبات إذ تقول: “نعتقد أن الثمن يستحق ذلك”، من الواضح أن هذا الموقف القاسي بشكل غير عادي مستمر في واشنطن اليوم فيما يتعلق بسورية، لا ينبغي على أي أحد الدفاع عن العقوبات إذا لم يعترف المدافع ببعض الحقائق المهمة:
الأول: أن الظروف المحيطة بقانون “قيصر” وملفه لا تزال غامضة.
ثانيًا: أن الذي يحصل في سورية هو حرب ضد فصائل مسلحة مثل “داعش والنصرة” تمارس القتل والفوضى، والولايات المتحدة وحلفاؤها دعموا أيضاً هؤلاء القتلة الذين لا يرحمون.
ثالثًا: كان لدى السوريين الداعمين للحكومة سبب مشروع للخوف من جهود تغيير الحكومة من قبل واشنطن، بعد الكارثة في العراق، التي قُتل فيها 400 ألف مدني أو أكثر ونزح ملايين آخرون.
رابعاً: من خلال استهداف الحكومة السورية، ساعدت الولايات المتحدة بشكل عكسي كلاً من داعش وجبهة النصرة، الفرع المحلي للقاعدة – والتي يجب أن تُذكر على أنها المجموعة المسؤولة عن قتل أكثر من 3000 أميركي في 11 أيلول.

خامساً: أن واشنطن تدعم حاليًا سيطرة المتطرفين على منطقة إدلب وهم جبهة النصرة، التي أعيدت تسميتها إلى هيئة تحرير الشام، والتي تدعي الآن أنها الفرع السابق للقاعدة.
سادساً: أن القصف الأميركي لسورية مسؤول عن العديد من القتلى المدنيين.. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال: “يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن عشرات الآلاف من الغارات الجوية الأميركية قتلت عددًا أكبر بكثير من غير المقاتلين مما يعترف به التحالف.”.
سابعًا: أن الإدارة الأميركية تستهدف المدنيين السوريين كجزء من لعبتها الكبرى ضد دمشق.
في محاولة لتجاوز الحرب على سورية، تحرك بعض العرب (الخصوم السابقين) نحو تنظيم العلاقات مع دمشق، لكنهم تعرضوا لانتقادات من قبل المسؤولين الأميركيين – على بعد آلاف الأميال من الفوضى والضيق الذي أحدثوه، حذّر جوي هود، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، حلفاء أميركا قائلاً: “أود أيضًا، بالطبع، أن أضيف أن لدينا أيضًا عقوبات بموجب قانون قيصر، هذا قانون يحظى بدعم واسع من الحزبين في الكونغرس فلذا يجب على الحكومات والشركات توخي الحذر من أن معاملاتهم المقترحة أو المتصورة تعرضهم لعقوبات محتملة من الولايات المتحدة بموجب هذا القانون”.
لذا ينبغي استخدام العقوبات الاقتصادية في أضيق الظروف، وفقط في القضايا ذات الأهمية الجادة لأميركا.. يجب أن تكون الدبلوماسية هي الأداة الرئيسية التي تخاطب بها واشنطن العالم. قد يحبط هذا المسؤولين الأميركيين، لأنهم سيفقدون قدرتهم على لعب دور (أسياد الكون Masters of the Universe)، ومع ذلك فإن أميركا كدكتاتورية عالمية لم تقدم نوع النظام السلمي الذي يدعي صناع السياسة في واشنطن أنهم يرغبون فيه.
ترشّح جو بايدن للرئاسة كمدافع عن حقوق الإنسان، ومع ذلك فقد أصبح مثل ترامب، يتاجر بقسوة بمصالح الشعوب الأجنبية، مثل أولئك الموجودين في سورية، لتسجيل نقاط سياسية.. يجب على أميركا أن تفعل ما هو أفضل.
بقلم: دوغ باندو
المصدر Antiwar

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بإضافة 50 بالمئة إلى الرواتب المقطوعة للعسكريين المعارضة الكورية الجنوبية تهدد بعزل رئيس البلاد 30 شهيداً في غزة.. والاحتلال يقصف خياماًً للنازحين استشهاد فتى فلسطيني برصاص الاحتلال في القدس في مؤتمر مكافحة التصحر بالرياض.. الاستثمار بالإدارة المستدامة يتطلب رؤية شاملة طويلة الأمد فريق عمل بريف دمشق لمتابعة شؤون الوافدين من حلب القيادة العامة للجيش: فك الحصار عن طلبة أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية بحلب ووصولهم بأمان إلى مدينة... السفير الضحاك: الهجوم الإرهابي على شمال سورية تم بضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك "الشؤون الاجتماعية والعمل": جهود مكثفة لتأمين كامل الاحتياجات للمهجرين من حلب إيران: رسالتنا واضحة بشأن دعمنا الحاسم لسورية ضد الإرهاب الخارجية الروسية: عقد اجتماع حول سورية بصيغة "أستانا" قيد الدراسة الطيران السوري الروسي المشترك يقضي على عشرات الإرهابيين ويدمر آلياتهم بريفي حماة وإدلب صحيفة أوكرانية: أجهزة الاستخبارات الأوكرانية متورطة في الهجوم الإرهابي على شمال سورية الجمارك تعلن نتائج مسابقة المخلصين الجمركيين قبول الطلاب القادمين من حلب في جميع الجامعات معبر العريضة الحدودي مع لبنان يعود للخدمة "الغارديان": بعفوه عن ابنه هانتر.. ظهر نفاق بايدن الصارخ "الغارديان": انتقادات برلمانية أميركية لعملية الانتخابات بالتنسيق مع المجتمع المحلي.. خلية عمل في اللاذقية لاستقبال الوافدين من حلب الرئيس الأسد يبحث في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب