الملحق الثقافي:حوار: خالد عارف حاج عثمان :
فنانةٌ تشكيليّة، هي مدرِّسةُ تربية فنيّة، عملت في المدارس الثانويّة، ومعاهد الفنون في محافظة اللاذقية. أقامت العديد من المعارض الفرديّة، وشاركت وأشرفت خلال مسيرة تدريسها، على العديد من المعارض الجماعية، والورش الفنية، داخل المحافظة وخارجها، واقتُني الكثير من أعمالها..
التقيناها مؤخّراً، لدى إقامتها ورشة فنيّة تشكيليّة متخصّصة، فحاورناها وكان الحوار، حول القيم الجماليّة والفنيّة في اللوحة خاصة، وفي العمل الفنيّ التشكيليّ عامةً. سألناها:
* كيف تعرّف الفنانة التشكيليّة «يسرى ديب» الفن التشكيليّ؟.. وماذا نعني بالقيمة الجماليّة؟..
** الفنّ التشكيليّ، وسيلةٌ للتعبير عن الأفكارِ والمشاعر، أو ما يُطلق عليه الفن البصريّ، أمّا القيمة الجماليّة، فهي الصفة التي تجعل الشيء مرغوباً، وتُطلق على ما يتميّز به الشيء من صفاتٍ، تجعله ملفتاً ويستحق التقدير..
* برأيك، أين تكمن قيمة الفنّ التشكيلي؟..
** تكمن في تحقيق اللون لأهدافه المتعددة، مثل خلق حركةٍ ديناميكيّة أو مستقرة باللوحة، إيجاد درجات ضوئية مختلفة الأبعاد، تحديد مركز الضوء بهدف خدمة موضوع اللوحة.
*يا ترى، أين وكيف يتجسّد الفنّ التشكيليّ، في أصالتنا وتراثنا؟.
** يتجسّد الفنّ التشكيليّ في الكثير من موجودات حياتنا وتراثنا، كالرسم العجمي في المساجد والبيوت الدمشقية، وصناعة أطباق القش، والمنحوتات التي تزين تشكيلاتها مختلف الأماكن، وتضفي جمالاً وقيمة جمالية على ما حولها، وأبرز أمثلتنا: الخط العربيّ، وقد كان مادة شائقة للوحاتٍ عكست الجمال والروعة وحسن الصنعة، وتتبدّى القيمة الجمالية للتصاميم المعمارية الإسلامية، في الزخارف العربية لما يسمى القيشاني، وأيضاً تبرز في الخطّ العربي، من خلال حروفه الرائعة والمبهرة بتقنيّتها.
* علام ركّز الإنسان القديم بالنسبة للضوء، وكيف تعاملت الحداثة مع هذه القضية؟.
** ركز الإنسان القديم على البعد الرمزي للون، كما في الفنّين المصري الفرعوني والإسلامي.. أما في العصر الحديث، فتتضمّن اللون معاني تعبيرية، ومضامين جماليّة ذات فلسفةٍ خاصة، طبعت كلّ فنانٍ بطابعه وشخصيّته.. فالنقد الحسيّ لحظ القيمة الجمالية من خلال تحقيق التوازن الضوئي واللوني، بين مجموعات الكتل والعناصر، وتشكّل لوحة الفنان «بول سيزان» (التفاحة)، تجلّي إحساسه باللون، في تمكّنه من صرف النظر عن التفاحة، كونها شيئاً يؤكل، إلى شيءٍ متميّز فنيّاً.. وتمثلت القيمة الفنيّة والجمالية للوحاتِ الفنان «فان غوغ»، بالألوان ومعالجتها التعبيريّة، كما في لوحة (النجوم) المشهورة، فقد أبدع أسلوباً متميزاً متّصلاً بعالمِ اللانهائية، فبسّط الأشكال واختزل تأثيرات الضوء. ..
*وماذا عنك؟.. أقصد كيف أبرزت الفنانة «يسرى ديب» القيم الجماليّة والفنيّة في أعمالها؟.
** ركّزتُ في لوحاتي، على إبرازِ القيم الجماليّة للمرأة السورية، كحاضنة للتراث وحارسة له، وقد أضفتْ من روحها عليه الشيء الكثير، وذلك بأسلوبٍ واقعيّ وتجريديّ، فلقد تجلّت في المرأة لديّ، الأنوثة والإيحاء والتعبير، بما يخدم موضوع العمل..
مثلاً: في لوحة (تحرير المرأة)، تطلق المرأة شعرها أمواجا بنيّة في فضاءٍ سماويّ.. وفي لوحة (المرأة الجالسة)، نجد المرأة حارسة للتراثِ الشكليّ والوظيفيّ، وقد تُجسّد بالعاطفة الحميمية..
أيضاً، وفي (لوحة الجسد)، ترجمة لإحساسِ المرأة، وتمسّكها بالتراثِ الماضي، والأمل بالمستقبل، وهي تتأرجح ما بين الفرح والشوق والانتظار، والعوالم الروحانية. ..
* وماذا عن النحت؟..
**إن التكوين الجماليّ للأعمال ثلاثية الأبعاد.. أيّ النحت، يرتبط بلون وحركة البيئة المحيطة به، ويمتزج بروحها، ففي منحوتة (السفينة والعاصمة) للفنان «محمد بعجانو»، نلاحظ الاتحاد الجماليّ مع الطبيعة، الأمر الذي يخلق تكاملاً جماليّاً وطبيعيّاً. .
* هل من كلمةٍ تقولينها في نهاية حوارنا هذا؟.
** أقول: علينا أن نقترب أكثر من عالم الجمال، ونسمو إلى سمائه، هاربين إليه.. فكم نحن بحاجةٍ إلى ذلك..
التاريخ: الثلاثاء6-7-2021
رقم العدد :1053