الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
دارت أحداث الحكاية الخامسة من سلسلة (لأنها بلادي) في الشمال السوري وتحديداً في حلب وجاءت تحت عنوان (حلب قصدنا وأنت السبيل) لتشكل إضافة أخرى ضمن سلسلة تتناول حقائق عن الحرب الإرهابية التي شُنّت على سورية ، وهي من إخراج نجدة أنزور وتأليف محمود عبد الكريم وإنتاج وزارة الإعلام – المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي ، وتميزت عما سبقها باللغة الدرامية التي قاربت الشفافية في الكثير من الأماكن عبر هيكلية بنائها مستندة إلى وقائع جاءت إما على لسان الشخصيات أو من خلال الأحداث ، واللافت فيها أن شخصية الكاتبة التي تابعناها كراوية خلال الحكايات الأربع الماضية نراها هنا منخرطة في خضم الأحداث وتشكّل محوراً أساسياً في الخط الدرامي ، إنها الكاتبة ناديا الشامي (أدت الدور الفنانة نادين) التي سافرت إلى حلب لتتقصى الحقائق من أفواه أصحابها ، فكانت الصدمة من هول ما سمعت ، الأمر الذي أدى إلى التركيز على مشاهدها التي كان فيها مناجاة وتأمل وهي تجول في المدينة ، فما حدث يترك مع الغصة دهشة ، وتتساءل كيف تستطيع ضمائر من هاجموا تحمّل ثقل هذه المأساة المريرة؟.
حرصت الكاميرا منذ اللحظات الأولى على إظهار روح الأصالة المتجذرة في حلب والمتعشّقة بأناسها وحجارتها والأماكن والأزقة والموسيقا والغناء التراثي ، انطلقت الحكاية من مشاهد تظهر معالم المدينة (الموجود منها والمُدمرة) ، فبدا المتلقي شريكاً للكاتبة في أحاسيسها التي عبّرت عنها بعد جولة في العديد من المواقع ، عديدة هي الكلمات والعبارات التي أتت على لسان الشخصيات وحمل كل منها دلالته لدى السوري ، ومنها (الجنود كانوا إخوة في السلاح) ، وأبرز العمل مدى فهم الناس كلهم وحتى البسطاء منهم لآلية الحرب التي شُنت على سورية ، وتدخّل الأجنبي السافر فيها ودوره في القتال والتخطيط والتدريب ووجود المرتزقة حيث انشغل الكثير منهم بالسرقة والنهب ، الأمر الذي بدا واضحاً من خلال مشاهد الإرهابيين ووجود التركي معهم على الأرض ودوره في سير المعارك وتوجيهها ، هذا الدور الذي استهجنه بعض المسلحين ورآه البعض الآخر امتداداً طبيعياً لهم منتظرين (الخلافة وأمير المؤمنين) . وبدأت تلتقط الكاتبة تفاصيل مما جرى من خلال كلام من التقت بهم ومشاهد الفلاش باك التي تحكي عن مآثر كثيرة للجيش العربي السوري وتؤكد على حالة التلاحم بينه وبين الشعب ، وأتى على لسان سائق (سيارة أجرة) أنه مر على حلب أهوال عبر التاريخ (هولاكو وتيمورلنك ومن ثم السلطان سليم) ، ولكن هذه المرة أتاها هولاكو الأميركي وحفيد السلطان سليم ، حيث حصل أكثر من ثلاثين تفجيرا تحت الأرض ، وفي إشارة إلى أن حلب مدينة نابضة بالحياة أشار إلى أنه في ثاني يوم من التحرير انطلقت عجلة الإعمار فيها (22 كانون أول 2016) .
حفلت الحكاية بمشاهد توثيقية حقيقية عن الحصار والمجازر التي ارتكبها الإرهابيون بما فيها مشاهد تهجير الأهالي ومجزرة نهر قويق ، كما تحدثت الشخصيات عن حجم المآسي التي جرت وأظهرت المشاهد المحاولات المستميتة من الإرهابيين للوصول إلى القلعة ليحتلوها ولكن مساعيهم باءت بالفشل بفضل الصمود الأسطوري للجيش السوري (درج القلعة وحجارتها تحكي عن مآثر الجنود والضباط الذي حموها) ، ومما ظهر بشكل جلي حجم الهزيمة الداخلية للإرهابيين وتكاتف الأهالي ووقوف النساء إلى جانب الرجال حتى في القتال والدور المتقدم للإعلامي الحربي ، لتنتهي الحكاية بإشارة الكاتبة ناديا الشامي إلى أنهم اغتالوا العلماء وسرقوا المعامل والآثار ونسفوا مراكز البحوث وبذلك يكون الغزاة قد فضحوا أنفسهم فضيحة مدوية ، مؤكدة أن الخلاص قادم لا محالة.