حتى لا نقع في محظورات الغزو الثقافي الذي اقتحم حياتنا عنوة… صون اللغة العربية مسؤولية مشتركة

الثورة أون لاين – تحقيق – غصون ديب:
الاهتمام بالثقافة وباللغة العربية أصبح حاجة ملحة أكثر من ذي قبل، فلغتنا التي تمثل الانتماء والتراث والحضارة لمنطقتنا على مر عقود، باتت في خطر وخاصة في ظل ثورة الاتصالات والعالم الافتراضي والرقمي، ومن هنا وجب علينا كمجتمع مثقف البحث عن السبل والطرق التي تمكننا من احتضان هذه اللغة الأم و الحفاظ عليها، فهي تمثل الانتماء والهوية والحضارة.
* لجنة تمكين اللغة العربية بطرطوس..
توجهنا بعدة أسئلة لعدد من المثقفين والمختصين باللغة العربية في محافظة طرطوس، وبداية كان لنا لقاء مع السيدة “راغدة محمود” ممثل اللجنة الوطنية لتمكين اللغة العربية في طرطوس التي حدثتنا قائلة: بلفتةٍ كَريمةٍ من السِّيد الرَّئيس بَشَّار حافظ الأسد رئيس الجُمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة صدرَ القرار رقم /٤/تاريخ 25/1/2007 القاضي بِتشكيل لَجنة لتمكين اللُّغة العربيَّة وكأنَّهُ تَطبيقٌ لِقولِ سيادتهِ: (لا هويّة من دون لُغة ولا وطنَ من دُونِ لُغة) بادرتِ اللَّجنةُ المُسمَّى أعضاؤها بِرئاسةِ الدِّكتور محمود السِّيد إلى تَشكيل لِجانٍ فَرعيَّة في مُحافظات القطر، ومنها مُحافظة طرطوس، وزوَّدتها بِخُطةِ عَمَلٍ وَطنيَّة نسترشدُ بِها ونُنفِّذُ تَعليماتِها.
بَاشرت لَجنةُ مُحافظةِ طرطوس عام ٢٠٠٨ وهي اليوم برئاسة السِّيد المُحافظ صفوان أبو سعدى تعقدُ اجتماعاتها الدَّوريَّة، لدِراسة الخُطَّة الوَطنيَّة، وما تَستطيعُ تَنفيذه على وجهِ السُّرعَة، وما يَحتاجُ إلى زمنٍ وإلى تَمويله في مَجال التَّنفيذ، و بَدأت دعوة المواطنين أصحاب المَحالِ التِّجاريَّة إلى تسميةِ محالهم بأسماءَ عَربيَّة، وإلى تَعريبِ الأسماء غير العربيَّة، وتَشكَّلت لَجنةٌ فَرعيةٌ لمُتابعةِ الأمر، ووجَّهت الجِهات ذات الصِّلة إلى التزام العربيَّة في التِّسمية والكتابة. وما زالت هذه اللَّجنةُ الفرعيَّة تُتابعُ الأمرَ في مَدينةِ طرطوس، ثُمَّ وسَّعت دائرةَ عملها لِتشملَ مَناطقَ المُحافظةِ وريفها.
* دوراتِ تقويَة ومسابقات..
ومن عمل هذه اللجنة إقامة دوراتِ تقويَةٍ لِلمُراسلين في الدَّوائر الرَّسميَّة، وكان مَردودُها جَيِّداً، ووجَّهت الدَّوائر إلى تكليفِ مُدقِّقين لُغويين لِمُراسلاتهم، وتنوي مُتابعة إقامة مثل هذه الدَّورات لِتكونَ الفائدةُ أعمَّ.
كما أجرت مُسابقةً عامَّةً بِعنوان: من يَقرأ أكثر.. ووزَّعت جوائزَ رمزيَّةً على الفائزين، وكذلك مُسابقةً بِعنوان: من يكتب أحسن.. على هامشِ دورة التقويَة.
وفي مجال التعاون مع المنظمات الشعبية طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة كانت لقاءات عدة مع براعم الوطن والحديث عن أهمية لغتنا وقد أبدع الشباب من خلال المسابقة الأدبية للمرحلتين الثانوية والتعليم الأساسي وبمشاركة (٦٦) طالباً وطالبة من مختلف مناطق المحافظة وتمّ منح الفائزين جوائز مالية وشهادات تقدير، وتشكل نادي أحباء اللّغة العربية كنواة لاستقطاب الشباب المبدع أدبياً، وله حضوره بتقديم نشاطات مميّزة لدعم اللغة العربية الفصحى، ومواجهة الغزو الفكري ومحاولة تشويه لغتنا، هذا و قدَّمَ بعضُ أعضائها مُحاضراتٍ، وأقاموا ندواتٍ، حول أهميَّة خصائص اللُّغة العَربيَّة الفُصحى وضَرورةِ التَّمسُّك بها، والمُحافظةِ عليها، وكيفيَّة النُّهوض بِها.
واللَّجنة جادَّةٌ في مُتابعةِ نَشاطها وتوسيعه لِيَشملَ ما أمكنَ من القطاعات الرَّسميَّةِ والشَّعبيَّة.
* صناعة الفكر ..
وعن سؤالنا: كيف نستطيع بناء الإنسان ثقافياً وفكرياً من خلال مؤسساتنا الثقافية أو غيرها؟ أوضحت قائلة: صناعة الفكر من أصعب الصناعات، ولاسيما في عصر المعلوماتية والتطور التكنولوجي الذي حوّل العالم إلى قرية صغيرة يسيطر عليها من يمتلك العلم، والقدرة على الإبداع، واللحاق بركب التطور العلمي. ومؤسساتنا الثقافية تعملُ وفق الإمكانات المتاحة لها لتشكل علامة فارقة بين هذه القوى المسيطرة والتي تمتلك القوة المادية.
* خلق مناخ ثقافي..
وعن دور المؤسسات الثقافية في دعم اللغة العربية وصونها أكدت مديرة المركز الثقافي بطرطوس السيدة “منى أسعد”: أن أهمية المؤسسات الثقافية تظهر في العمل على خلق مناخ ثقافي، الذي بدوره يُحدث تفاعلاً ثقافياً حقيقياً يلتقي فيه المبدعون والمثقفون لمناقشة مختلف القضايا، وخلق بيئة قادرة على التلقي والنقاش الجاد، والعمل الثقافي يطور اللغة العربية، و هو بحد ذاته انتقال وتوعية للمجتمع.
والأنشطة الثقافية تسهم في بناء الفرد في المجتمع و كل فرد حسب موقعه، ويتحدد ذلك من خلال طفولته ونوع التنشئة الذي تلقاها في أصغر مؤسسة ثقافية وهي الأسرة، والعمل على تطوير ثقافته وفاعليته في المجتمع عن طريق المؤسسات الثقافية الرسمية، وبذلك تبني جسوراً من التواصل الثقافي بين جميع الفئات و الأعمار.
* مناهج غير مدروسة..

كما أكد “د. حسن شحود” رئيس قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة طرطوس على الحاجة الماسة لتوجيه المناهج توجيها صحيحاً دقيقاً يكون متناسباً مع عظمة اللغة العربية، و ليس اللجوء إلى التعديل العشوائي فاليوم يتم وضع مناهج غير مدروسة، ودعا إلى الاهتمام بالعملية التربوية و بشكل خاص دعم المدرس مادياً و معنوياً حتى يصبح قادراً على إيلاء هذه اللغة حقها كما كان في السابق، والاهتمام أكثر بالبنى التحتية للمدارس وخاصة المعلوماتية.
* أخطار تهدد للغة العربية…
من جهته أوضح الدكتور “ماهر حبيب” أستاذ لغة عربية في جامعة طرطوس و عضو لجنة التمكين الفرعية للغة العربية في طرطوس: أن تضاعُف انتشار اللغة الإنكليزيَّة مع الهيمنةِ الاقتصاديَّة والإعلاميَّة الأمريكيَّة، وبسبب تزايد استخدامِها على النت، فرضت سيطرتها حتى على اللُّغات التي هيمنت عالمياً بعد الثورة الصناعيَّة، وخاصَّة الفرنسيَّة والألمانيَّة، والصينيَّة، وليست العربيَّة في منأى عن تلك الهيمنة، بل هي في قلبها، والمتأمل في واقع اللغة العربيَّة اليوم أمام انحسار استخدام المستوى الفصيح منها، وانتشار لغة العربيزية في لغة وسائل الإعلام، ولغة التعليم يُدرك مدى الخطر الداهم الذي يهدد الهوية العربية.
* اتخاذ قرارات حاسمة..
وحول سؤالنا كيف نستطيع المُحافظة على لُغتنا العربية من الانهيار؟ أجاب د.حبيب: لابد من اتخاذ قرارات حاسمة على المُستويين الأهلي والرسمي، فأمَّا على المستوى الأهلي فلابد من تفعيل المُبادرات الجماعية والجمعيات الأهلية، و اللجان اللغوية وخاصة على النت التي تدعو إلى استخدام المستوى الفصيح من اللغة العربية، وإبراز خصائصها ومميِّزاتها، ولدينا أمثلة كثيرة في سورية، وفي البلدان العربية يضيق المجال عن تفصيل الحديث فيها.
وأما على المستوى الرسمي فلابد من إيلاء التعريب الاهتمام المطلوب، ودعمه ماديّاً ومعنويَّاً، إضافة إلى العناية بالترجمة إلى العربية، وإصدار القوانين الملزمة باستخدام العربية الفصحى المعتدلة في لغة الإعلام، والسعي إلى إحداث عولمة لغوية عربية في أوساط المسلمين غير العرب، وبالتالي العناية بمناهج تعليم العربية للناطقين بغيرها.
* صعوبات وتحديات ..
وعن الصعوبات التي تواجه عملية تدريس اللغة العربية اليوم؟ قال: ثمَّة تحديات كبيرة تواجه تعليم اللغة العربية اليوم، والتعليم باللغة العربية، ولعلَّ من أبرزها مزاحمة اللغة الإنكليزية لها في الاستخدام وفي المناهج والمصطلحات، ومزاحمة اللهجات العاميات التي تقتحم بيئتها التَّعليمية على ألسنة المتعلّمين والمُعلّمين على حدٍّ سواء، فضلاً على المناهج التعليميَّة التي صارت الشَّابكة (النت) جزءاً منها، وذكرنا سابقاً سيطرة الإنكليزية على لغة النت التواصلية.

a11.jpg

a12.jpg

آخر الأخبار
الذكاء الاصطناعي" ومكافحة حرائق الغابات بالتعاون مع الجمعية الطبية الألمانية.."نبضنا واحد" تدريبات طبية متقدمة في مستشفى حماة شو "الأمانة السورية " ذراع أسماء الأسد المخربة.. مشروعها في التكية السليمانية كارثيٌّ العمل مستمر لإصلاح الأعطال الكهربائية في مصياف البسطات في منطقة الريجي باللاذقية تعوق حركة المرور تأهيل وتجميل جسر الحرية بدمشق مستمر حلب.. حملة لإزالة آثار النظام البائد من شعارات ورسومات "أكساد" شريك رئيس في معرض سوريا الدولي الثالث "آغرو سيريا" "كهرباء اللاذقية".. تركيب محولة في الحفة وإصلاح الأعطال في المدينة خدمات صحية متكاملة في صافيتا جهود مستمرة لتأمين الكهرباء في جبلة مزاجية ترامب تضع أسواق النفط على "كف عفريت" اجتماع لتذليل الصعوبات في المستشفى الوطني باللاذقية متابعة جاهزية مجبل الإسفلت بطرطوس.. وضبط الإشغالات المخالفة بسوق الغمقة الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟ الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا