الخسائر الاقتصادية بالمليارات.. حرائق الغابات دمَّرتْ مواقع طبيعية لنباتات وحيوانات نادرة

الثورة – تحقيق هيثم قصيبة:

عاش جميع السوريين عشرة أيام حزينة، هي أيام حرائق غابات الساحل، والحزن يكبر ويحفر عميقاً في الوجدان عندما نزور بقايا تلك الغابات.. نعم إنه الوقوف على الأطلال، حيث لم تُبقِ النيران أثراً سوى الرماد على مساحة تقارب العشرين ألف هكتار، وفق إحصائية وزارة الإدارة المحلية والبيئة.

مضاعفات بيئية

وزارة الإدارة المحلية والبيئة بينت أن 61 بالمئة من غابات سوريا تتركز في ساحلنا السوري الجميل، وقَدرت الخسائر الناجمة عن كارثة الحرائق بمليارات الدولارات، كما تسببت بمضاعفات ومفاعيل بيئية خطيرة كتلوث الهواء بغازات سامة، وتدمير مواقع وموائل طبيعية لنباتات نادرة، مثل الأوركيد، والحيوانات مثل الغزال، والوشق، والدب السوري، وأيضاً نزوح السكان المجاورين للغابة واحتراق أراضيهم الزراعية، وخسارتهم لمصادر عيشهم ورزقهم.

يتساءل الناس: لماذا تتكرر كارثة الحرائق كل عام وتلتهم المزيد من غطائنا الغابوي وكنزنا الطبيعي ومواردنا الحيوية التي تمدنا بالطاقة والحياة والأوكسجين؟، ولماذا لم نتمكن بعد من إيقاف هذا النزيف الذي يتجدد سنوياًَ؟، ولماذا لم نجد العلاج الفعال لمسببات الحرائق؟، وإلى متى ستستمر التداعيات الكارثية الاقتصادية والبيئية الناجمة عن اشتعال النيران في غاباتنا؟، وما هي التدابير اللازمة والإجراءات التي قدمتها الجهات المعنية لحماية الغابات في المستقبل ومنع تكرار الكارثة؟.

تدابير ضرورية

عميد المعهد العالي لبحوث البيئة الدكتور كامل خليل أكد لصحيفة الثورة أن الغابات هي أهم مكونات النظام البيئي، ومصدر حيوي للأوكسجين، ومخزن للتنوع الحيوي، وتواجه هذه الثروة الغابوية تحديات وتهديدات خطيرة ناجمة عن التقلبات المناخية، والاحتباس الحراري، والرياح الجافة المسببة للحرائق، إضافة إلى مسببات أخرى تعود إلى العنصر البشري.

وأشار إلى أن غاباتنا خسرت مساحات هائلة نتيجة الحرائق، وهذا ساهم بانقراض أنواع من الحيوانات البرية والنباتات الطبية والعطرية، والمكونات الحيوية للغابات، إضافة إلى نزوح السكان المجاورين للغابة خوفاً من اقتراب النيران واقتحامها لمنازلهم.

وحول التدابير الاحترازية اللازمة لمواجهة حرائق الغابات، لفت الدكتور خليل إلى ضرورة تعزيز الوعي البيئي حول أهمية الغابات، وإطلاق حملات توعية حول القيمة الحيوية المضافة للغابات كثروة اقتصادية وبيئية، وتعليم الأجيال أن الغابة ليست مجرد أشجار، بل إرث طبيعي، وكنز نباتي يجب الحفاظ عليه.

وبين أنه من أهم تدابير حماية الغابات نشر المخافر الحراجية، خاصة في المواقع المرتفعة لتكون نقاط إنذار مبكر، وكذلك زيادة أبراج المراقبة وتزويدها بوسائل اتصال فعالة تعمل على مدار الساعة، وفتح خطوط، وطرق نار عريضة لسهولة وصول الآليات والعناصر البشرية في حال نشوب حريق.. ومن التدابير إنشاء خزانات مياه دائمة أو مؤقتة يمكن تعبئتها في الشتاء لاستخدامها صيفاً وقد تكون طبيعية مثل البرك أو خزانات إسمنتية.

ولفت الدكتور خليل إلى أهمية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لربط منظومة الحراج بالأقمار الصناعية عبر منصات استشعار عن بعد قادرة على التنبؤ بالحرائق قبل وقوعها، وفي حال نشوب الحريق أوضح أنه لابد من إعلان الاستنفار الكامل، وإعلان حالة طوارئ تشاركية من كل الجهات المعنية المسؤولة.

وحول المفاعيل والتأثيرات البيئية أفاد الدكتور خليل أن حرائق الغابات تطلق كميات كبيرة من غازات ثاني أكسيد الكربون، مما يزيد الاحتباس الحراري، وينتج عن ذلك جزئيات دقيقة تلوث الهواء وتسبب أمراضاً مزمنة ومشاكل تنفسية حادة، خاصة عند كبار السن والأطفال.

تأثيرات اقتصادية

عميد كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية الدكتور عبد الهادي الرفاعي تحدث عن الآثار والمفاعيل والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للحرائق، كتدمير الموارد الطبيعية، إذ تؤدي الحرائق إلى فقدان الأشجار والنباتات، مما يؤثر على صناعات عديدة مثل الأخشاب والورق والفحم النباتي وأيضاً خسائر زراعية كتدمير المحاصيل الزراعية المجاورة للغابات مما يقلل الإنتاج الغذائي ويزيد من أسعار المواد الغذائية، وكذلك من تكاليف الإطفاء وإعادة الإعمار بحيث تتحمل الحكومات والمجتمعات المحلية تكاليف كبيرة في عمليات الإطفاء وإعادة تشجير الغابات.

وأشار إلى تأثير الحرائق على السياحة في المناطق التي تعتمد على السياحة الطبيعية، حيث تؤدي الحرائق إلى انخفاض عدد الزوار وفقدان الدخل، مشيراً إلى التأثير الكبير على الغطاء النباتي كتدهور التنوع البيولوجي وتآكل التربة، فبعد الحرائق تصبح التربة عرضة للانجراف بسبب فقدان الغطاء النباتي الذي كان يحميها مما يؤدي إلى انعكاس ذلك على الغطاء النباتي. وقال الدكتور الرفاعي: إن اتخاذ الاحتياطات المطلوبة هي التي تحمي الغابات من الحرائق كإنشاء ممرات عريضة خالية من الأشجار، لمنع انتشار الحرائق والتوعية المجتمعية حول مخاطر إشعال النار في المناطق الحراجية، خاصة في فترات الجفاف. ودعا إلى ضرورة التنسيق بين الحكومة والمنظمات الدولية لدعم عمليات الإطفاء وإعادة التأهيل، وذلك عن طريق تشجير المواقع المحروقة بأنواع نباتية مقاومة للحرائق ودعم المزارعين والمجتمعات المتضررة عبر برنامج إغاثية وتأهيلية.

اللوجستيات الفنية لمواجهة الحرائق

الخبير البيئي الدكتور علي ثابت تحدث عن اللوجستيات الفنية اللازمة لمواجهة الحرائق، مبيناً أن أهم اللوجستيات المطلوبة حالياً هي إعادة تأهيل وتعزيز البنى التحتية الخاصة بمديريات الحراج (أبراج مراقبة الحرائق- المخافر الحراجية)، وتجهيزها بمختلف المعدات والأدوات اللازمة وجميع التقنيات الحديثة الضرورية لعملها بكفاءة عالية، وضرورة توفير الكوادر البشرية المدربة والجاهزة فنياً وبدنياً، والأعداد الكافية، وزيادة أسطول الصهاريج والإطفائيات الحديثة وسيارات التدخل السريع، وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر والاستفادة من تقنيات الدرونات في مراقبة المواقع الحراجية، ومتابعة عمليات إخماد الحرائق، وتحديث منظومة الاتصالات اللاسلكية وشراء الطيران الزراعي المتخصص بإخماد الحرائق.

أثر بعد عين

قامت صحيفة الثورة بجولة إلى بعض مواقع ريف اللاذقية الشمالي التي التهمت النيران مساحات هائلة من غاباتها، ومنها موقع قسطل معاف.هناك تشعر بالحزن مضاعفاً وأنت تنظر إلى غاباتها التي أصبحت أثراً بعد عين، وترى حجم الكارثة والخسائر الكبيرة على السكان والأهالي المجاورين للغابات، الذين تضررت أراضيهم الزراعية، ومنازلهم، مما أدى إلى نزوح العديد منهم، وهم بحاجة ماسة إلى إحصاء أضرارهم، لدعمهم مادياً ومعنوياً.

تقدير الأضرار

وحول تقدير الأضرار وتشكيل اللجان الفنية للتعويض للسكان المنكوبين المتضررين من الحرائق أكد مدير زراعة اللاذقية عبد الفتاح السمر أن المديرية شكلت لجاناً فنية لتقدير وإحصاء الأضرار (أراض زراعية- معدات زراعية- ثروة حيوانية)، ولا تزال هذه اللجان تقوم بعملها وسوف يتم تقديم التعويضات المناسبة للسكان المتضررين.

آخر الأخبار
توقيع عقود تصديرية.. على هامش فعاليات "خان الحرير- موتكس"     تشكيلة سلعية وأسعار مخفضة.. افتتاح مهرجان التسوق في جبلة السياحة تشارك في مؤتمر “ريادة التعليم العالي في سوريا بعد الثورة” بإستطاعة 100ميغا.. محطة للطاقة المتجددة في المنطقة الوسطى "خان الحرير - موتكس".. دمشق وحلب تنسجان مجداً لصناعة النسيج الرئيس الشرع أمام قمة الدوحة: سوريا تقف إلى جانب قطر امتحان موحد.. "التربية" تمهّد لانتقاء مشرفين يواكبون تحديات التعليم خبير مالي يقدم رؤيته لمراجعة مذكرات التفاهم الاستثمارية أردوغان: إســرائيل تجر المنطقة للفوضى وعدم الاستقرار الرئيس الشرع يلتقي الأمير محمد بن سلمان في الدوحة قمة "سفير" ترسم ملامح التعليم العالي الجديد خدمات علاجية مجانية  لمرضى الأورام في درعا الرئيس الشرع يلتقي الشيخ تميم في الدوحة الشيخ تميم: العدوان الإسرائيلي على الدوحة غادر.. ومخططات تقسيم سوريا لن تمر الحبتور: الرئيس الشرع يمتلك العزيمة لتحويل المستحيل إلى ممكن فيصل القاسم يكشف استغلال "حزب الله" وجهات مرتبطة به لمحنة محافظة السويداء ضبط أسلحة وذخائر معدّة للتهريب بريف دمشق سرمدا تحتفي بحفّاظ القرآن ومجودي التلاوة تنظيم استخدام الدراجات النارية غير المرخّصة بدرعا مطاحن حلب تتجدد بالتقنية التركية