الثورة أون لاين – دينا الحمد:
“الأمم المتحدة بين التحديات والإصلاح” كتاب جديد للباحث الأستاذ حسين راغب يتناول في ثناياه دور الأمم المتحدة الحالي، وتقصيرها في صيانة استقلال الدول، لأنها ارتضت لنفسها أن تكون أداة طيعة بيد بعض القوى العظمى كأميركا، ويعرج في فصوله على ضرورات انتقالها إلى دور فاعل ومهم في قضايا الشعوب انطلاقاً من مبادئها وميثاقها في صيانة الأمن والسلم الدوليين.
بداية يشير الباحث راغب إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد كان من أوائل القادة على المستوى العالمي الذين دعوا إلى تفعيل هذا الدور، والتأكيد على ضرورة إقامة عالم تنتفي فيه سياسات الهيمنة على منظماته الدولية، ويسود في أرجائه التوازن في العلاقات بين الدول، ولهذا كان إهداؤه الخاص لسيادته انطلاقاً من إيمانه الكبير بأهمية الفكر والنهوض المعرفي وبناء الوطن.
يقارب الباحث موضوع كتابه برؤية جديدة تستند على تحليل الواقع الذي تعيشه المنظمة الدولية، وتسلط أميركا وبعض القوى الغربية عليها، وهيمنتها على قراراتها وآلية عملها، ويبحث بالوثيقة والرقم والمعلومة واقعها ومسيرتها وآفاق تطورها بالمستقبل، مشيراً إلى أنها، وعلى مدار تاريخها، كانت مؤسسة دولية مثيرة للجدل، وقد تفاقم ذلك مع دخول النظام الدولي المعاصر مرحلة جديدة من مراحل تطوره بعد التحولات الهائلة التي طرأت عليه مؤخراً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
وفي ثنايا فصول كتابه الهامة يقول الباحث راغب بأنه كان يطمح إلى فهم طبيعة الأدوار والتحديات التي واجهت وتواجه هذه المنظمة الدولية، والمقترحات والأفكار الرامية إلى إصلاحها، ومعرفة هل أن أداءها خلال الفترة السابقة ارتقى إلى مستوى طموحات مؤسسيها، مستذكراً هنا قول السيد الرئيس بشار الأسد: “إننا وقعنا على ميثاق الأمم المتحدة، ولم نوقع على مصالح الولايات المتحدة وبعض حلفائها”.
في الفصل الأول الذي عنونه الباحث راغب ب” الأمم المتحدة – مدخل تعريفي” يتحدث المؤلف عن التطور التاريخي لتأسيس الأمم المتحدة بدءاً من مرحلة التصريحات والمقترحات وانتهاء بمرحلة التنفيذ، والتعرف على طبيعتها القانونية ومبادئها وأجهزتها الرئيسية، وهي الجمعية العامة، ومجلس الأمن الدولي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، ومحكمة العدل الدولية، والأمانة العامة.
ثم يعرج المؤلف في الفصل الثاني المعنون ب” الأدوار الرئيسة للأمم المتحدة” على شرح أبرز أدوارها، من دورها في مجال السلام العالمي وحفظه وبنائه وأبرز بعثات عملياتها في العالم، مروراً بدورها في مجال حقوق الإنسان والآليات التي أوجدتها من أجل حماية هذه الحقوق، وانتهاء بدورها في مجال نزع السلاح من حيث جهودها القانونية والدولية والتحديات التي واجهتها وجهودها في مجال نزع السلاح.
أما في الفصل الثالث المعنون ب”التحديات العالمية المعاصرة أمام الأمم المتحدة” فقد تناول الأستاذ راغب أبرز التحديات المعاصرة على المستوى الدولي التي تواجه عمل المنظمة الدولية، معدداً إياها بسباق التسلح، والإنفاق العسكري العالمي الهائل، وسباق التسلح الأميركي الروسي الصيني، والإرهاب النووي، وتنامي خطر الأمن البيئي، والأمن البيولوجي في ظل انتشار جائحة كورونا، وتنامي النزعات الانفصالية في عدد من دول العالم مما يهدد الأمن والاستقرار، كذلك تنامي دور المجتمع المدني العالمي كقوة فاعلة ومؤثرة إلى جانب الوحدات السياسية المكونة للمجتمع الدولي.
ثم يصل المؤلف في كتابه الصادر مؤخراً عن “دار الشعب لنشر العلوم الإنسانية” إلى الموضوع الأهم وهو إصلاح الأمم المتحدة، فيفرد مساحة واسعة في فصله الرابع لهذه القضية الشائكة، والتي تختلف على خطوطها العريضة وحتى الضيقة القوى العظمى انطلاقاً من مصالح بعضها كأميركا، مشيراً إلى أهم دواعي وضرورات إصلاحها وأهمية تعديل ميثاقها بما يخدم عملية إصلاحها، ومسألة التمويل والتحديات التي تواجه مؤسساتها وأجهزتها، إضافة إلى القضية الكبرى الشائكة وهي سيطرة الولايات المتحدة على قراراتها وآلية عملها وهيمنتها على عملها، مختتماً بحثه القيم بالحديث عن أبرز الجهود الدولية في مجال إصلاحها سواء من حيث مبادرات الأمناء العامين أو مقترحات الدول، مقدماً رؤيا إصلاحية شاملة من وجهة نظره لإصلاح هذه المنظمة الدولية التي أفقدت واشنطن وحلفاءها هيبتها ودورها السياسي والإنساني.