الثورة أون لاين – تحقيق – جهاد اصطيف – حسن العجيلي:
عادت ” ضحى” من سوق التلل المشهور في حلب دون أن تتمكن من شراء شيء، بعد أن وجدت الأسعار مرتفعة جداً، واحتارت بين محل وآخر، رغم اختلاف تسعيرة هذا عن ذاك، وهي تقول في قرارة نفسها “كسوة الولد الواحد قد تتجاوز راتب زوجي الموظف، فكيف لي بكسوة باقي الأولاد الثلاثة”!
حقيقة وخلال جولاتنا السابقة – والحديث للثورة – خاصة قبل العيد الماضي وصلنا إلى استنتاج مبدئي أنه بالرغم من أن الكثير من الأسر لم تستطيع شراء كسوة عيد الفطر لأطفالها، بسبب ارتفاع الأسعار ثلاثة أضعاف عن العيد الذي قبله، إلا أنه بالمقابل وجدنا معظم الأسواق كانت عامرة وكان هناك حركة بيع وشراء ملحوظة.
وإذا ما عدنا لحديث ” ضحى” التي أضافت أنها بعد خروجها من سوق “التلل” حاولت التسوق ضمن الأسواق الشعبية، التي لم تكن تختلف أسعارها إلى حد كبير عن أسواق التلل والعبارة وحتى العزيزية والفرقان والموكامبو، فالفروقات لم تقل كثيراً لا بل وأحيانا تكون الأسعار فيها أعلى من الأسواق الأخرى، لتعود إلى منزلها دون شراء شيء لأبنائها الأربعة.
• أين المشترين …؟
بالطبع لم يتفاجأ أصحاب محال بيع الألبسة أو حتى محلات المواد الغذائية والحلويات بقلة الحركة الشرائية للمواطنين في مثل هذه الأيام من السنة أي قبل حلول عيد الأضحى المبارك، وانخفاض أعداد المتسوقين في الوقت الحالي، والتي تعتبر عادة موسم البيع والتسوق الأبرز خاصة للألبسة الجديدة خلال العام، وكذلك الحلويات وغيرها.
إذ يكتفي هؤلاء أو معظمهم بكلام أدق بالسؤال عن الأسعار، دون محاولة المفاصلة وطلب التخفيض، حسب قول أحد أصحاب محلات لبيع الألبسة بسوق “العبارة” على سبيل المثال.
“فؤاد” وهو موظف يقول: إن تكلفة اللباس الجديد لابنته، البالغة من العمر سبع سنوات، تبلغ أكثر من ٦٠ ألف ليرة وإذا أردت أن أشتري لأولادي الثلاثة الباقين، يجب أن يكون معي قرابة 250 ألف ليرة سورية، فأي كسوة أو لباس جديد هذا الذي أستطيع أن أشتريه لأولادي وراتبي لا يتجاوز الستين ألف ليرة سورية قبل الزيادة الأخيرة؟ .
• لا رقابة على أسعار الألبسة..
وأشار “فؤاد” إلى أن تبدل وتباين الأسعار واضح من متجر لآخر، إذ تعرض بعض المحال بنطال الجينز بـ ١٥ ألف ليرة، وأخرى بـ ٢٠ ألفا وأخرى أكثر من ذلك، بمعنى لا يوجد رقابة على أسعار الألبسة، وإن وجدت قد لا نستفيد لأن المعيار المتبع لدى التجارة الداخلية غير مجد كما علمنا، ولذلك تبقى الأسعار مرتفعة جدا حسب رأيه، ويردف: تخليت عن فكرة شراء الملابس الجديدة للأولاد بعد أن حاولت جاهدا أن أبحث عن أسعار مناسبة، وعند سؤال أصحاب المحال لماذا الأسعار مرتفعة؟ كلهم أجمعوا أن الأسباب باتت معروفة أهمها غلاء المستلزمات والأجور وسواها، وعند الطلب من الباعة تخفيض السعر غالباً لا يقبلون، ويقولون: اذهبوا إلى محال أخرى وانظروا إلى الأسعار لديهم.
• غلاء مستلزمات الإنتاج..
أصحاب المحلات تحدثوا عن أسباب ارتفاع الأسعار، ومنها أن الأسعار محددة من المصنع للأقمشة، إضافة إلى تكلفة الخياطة والتجهيز والتغليف والشحن والمواصلات، إذ تصل بعض البضائع من محافظات أخرى، لكن قلة حركة البيع والشراء تسبب الصدمة في بعض الأحيان لأصحاب المحلات بسبب عدم زيارة أي من الزبائن لمحلاتهم وقد تستغرق لأيام، واللافت إجماعهم أن ارتفاع أسعار الملابس ليس بيدهم، لأن ارتفاع سعر القماش والكلف التي تشمل الخيوط وسواها وصولاً إلى الأمبلاج، أصبح يزيد من سعر السلعة الواحدة.
• تحدد من المصانع..
ويتابع هؤلاء أن الأسعار تحدد من المصانع، وأن نسبة الربح للباعة محددة وقد لا تتعدى الـ ٢٠ %، فمثلا أقل سعر (للبنطالون) يبلغ حوالي ٢٠ ألف ليرة والبلوزة الرجالي ١٨ ألفاً، وهذه الأسعار لملابس جديدة ولكنها بكل تأكيد ليست من النخب الأول.
“أبو وليد” وهو بائع آخر في سوق “العبارة”، يقول إن ارتفاع الأسعار في المناسبات أمر طبيعي، ولكنه أرجع السبب الحالي إلى حاجة المصنعين إلى استيراد الأقمشة، مشيراً إلى أن الجميع يُسَعِّر على هذا الأساس، بلا ضبط للأسعار.
• تكثيف الجهود ولكن!..
بدوره أشار المهندس أحمد سنكري طرابيشي مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب إلى أنه تم تكثيف الجهود التموينية خلال فترة قبل العيد لضبط أسعار مختلف المواد الغذائية وغير الغذائية في الأسواق، ومنع ضعاف النفوس والمستغلين من رفع الأسعار، حيث ستستمر الحملة عبر مراقبينا بالتعاون مع المحافظة لضبط الأسعار بما ينعكس إيجاباً على القدرة الشرائية للمواطنين، وكذلك الالتزام بالنشرات السعرية الصادرة سواء عن الوزارة أو عن المديرية، وحالياً نشدد عبر عناصر الرقابة على عدم حيازة الألعاب النارية، وبالوقت نفسه تقوم عناصرنا بأخذ عينات لدراستها السعرية إن كانت للألبسة أو أخذ عينات تخص الحلويات وسواها، ونوًّه إلى أن المديرية تقوم بتسطير الضبوط بحق المخالفين وإحالتهم على القضاء المختص أصولاً.
تصوير : خالد صابوني