الثورة أون لاين – أيمن الحرفي:
في كل المجتمعات العربية عامة والسورية خاصة نرى الأسرة هي المكون الأساسي والعمود الفقري لها، و لا يخفى أن الأم في كل أسرة هي الحاضن الأساسي لكل أصيل ونبيل وكل خلق سليم، ولجميع معاني الحب و الجمال
والعطاء.
فالأسرة في علم الاجتماع هي المؤسسة التي تمتلك السلطة على أفرادها، تتحكم بسلوكهم اليومي وروابطهم الاجتماعية ومصيرهم الاقتصادي وهي الخلية والوحدة الأولى للمجتمع وتأتي الأم لتتربع على عرش الأسرة فهي مصدر الاستقرار والأمان بما تقدمه من حنان ودفء عاطفي ضمن إطار المودة والإلفة في أولادها.
فالأم منذ فجر الخليقة لها قوة الوحي والإلهام للأبناء وهي مصدر صفوهم وسعادتهم إنها كالروح السارية والعقل المنير يضيء لهم الظلمات، وهي سر سعادة الوجود ومعقد الرجاء وهي آية الله ورحمته في الأرض. غرست في قلوبنا مودة لا تبلى وحباً لا يزول وجمال الحياة ثمرة من ثمرات أمنا الطيبة.
تقوم الأم دون الناس جميعاً بأي خدمة دون أن ترجو أو تنتظر شكراً أو جزاء. تؤثر أولادها على نفسها، ترضى بالقليل ليفوزوا بالكثير، ولو قدر لحنان الأم أن يصبح نهراً لأغرق العالم وقد تغنى الشعراء بذكرها والأدباء برواياتهم بقصص من الحياة، وفي عهد سليمان الحكيم اختلفت اثنتان على أمومة طفل ولا ريب أن إحداها ادعت هذه الأمومة زورا فلما احتكمتا إلى سليمان الحكيم أمر باجتماع الامرأتين والطفل ثم أمر بأن يشطر الصغير إلى شطرين فتأخذ كل منهما نصيبها فرضيت المدعية أما الأم الصادقة فقد رفضت وصرخت عالياً: لا دعها تأخذه ولا تشطره!! وما أبلغ حكمة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حين توفيت أمه فقال: ( الآن فقدت الصديق الصدوق). وتبقى الأم السورية العظيمة بمآثرها القوية عند الشدائد وما أكثر الخنساء السورية في وطننا الحبيب وهي تزف ابنها الشهيد فداء لوطن غال على قلوبنا، ولا غريب عنها هذا فهي المربية العظيمة التي علمت أولادها التضحية والبطولة والتمسك بالقيم والمبادئ، الأم البطلة التي كانت وستبقى أمثولة خالدة على مر التاريخ، و يبادلها الشهيد حباً بحب قائلاً: أمي يا جمال الوجود و نور الحياة يا منحة السماء للأرض و يا آية الله للكون، يا ملاكاً بصورة بشر، يا أجمل من الحب وأغلى من الصحة وأعز من الحياة، يا ذات الصوت الآسر والنغم الساحر، نقول لك في هذا العيد كل عام وأنت كل الخير في حياتنا وأنت كل الجمال في عمرنا وأنت منارة دروبنا ومشعل كل طريق للنجاح.