الثورة أون ﻻين – آنا عزيز الخضر:
عندما يكون فقدان المقدرة على الإبداع وجهاً آخر للمأساة، عندها يتجلى الضياع وفقدان التوزان، لتبرز أمامنا بوضوح بصمات الوجع في كل مكان وموضع، إنها حالة حتمية ﻻ يمكن الهروب منها ،طالما يعيش الإنسان المعاناة، هنا يكون عاجزاً عن الفعل في أي مجال، فتقدم لنا هذه المشهدية القراءة اأوضح للمعاناة والاستسﻻم للماضي أنها تترك آثارها على شخصية الإنسان… عﻻقاته وعمله، عطائه، إنجازه، إبداعه وحياته بكل تفاصيلها ومفاصلها، مسيرتها ومستقبلها، كل ذلك في حال استكانت تلك الشخصية ولم تحاول الخروج من ماضيها وقيودها، محاولة التغلب على معاناتها.. هذا ما ركز عليه العرض المونودرامي (الكﻻم القديم) الفائز بجائزة أفضل عرض متكامل في المهرجان المونودرامي الأول بحماة.. كما أنه عرض في صالة القباني بدمشق كعرض زائر من حماة.. العرض من تأليف الدكتور ( ماهر الخولي) إعداد وإخراج يوسف شموط، وأداء (ساندي جربوع)
يدور العرض حول شاعرة مبدعة تحب الوطن وكل القيم الجميلة تتغنى بها وتمجدها، فلها محطاتها الكثيرة في الحياة وحكاياها الواسعة ثم تفقد كل شيء.. هنا تفقد توزانها وتفقد قدرتها على الإبداع ولم تعد تستطيع الخروج من ماضيها فتبقى أسيرة كل ذلك… حول أجواء العرض وتفاصيله تحدث المخرج يوسف شموط قائﻻً:
الكلام القديم مونودراما شعرية، كتبها الدكتور ماهر الخولي، و قمت أنا بإعدادها وإخراجها، العرض يتحدث عن شاعرة تحمل هم الوطن والإنسان وتعشق الحرية والنصر، ولها ماض عريق مع حكايات المقاومة والحب و الانتماء //والدها ـ أمها ـ جدتها ـ حبيبها ـ و هي معهم // وكل ذلك كان ملهماً لها وسبباً لإبداعها وتالياً فقدت كل شيء و نضب الشعر و وقعت سجينة الماضي الذي أصبح يعوق حركتها للأمام ولكنها ولجماله الإنساني لا تريد التخلي عنه، و هنا تقع تحت ثقل معاناة كبيرة هذه المعاناة القاسية و انعدام إمكانية استمرارها بكتابة الشعر تدفعانها لدفن الماضي بحلوه و مره بجماله وقبحه ليتدفق الشعر وتستمر لديها الحياة بعطاء وإبداع وجمال، لتكتشف أن ما كانت خائفة عليه من جمال في ماضيها قد استمر معها ولكن كملهم لها وليس كمعوق، فالجمال خالد وأبدي.
اعتبر المونودراما نوع مسرحي بعيد عن الجمهور نسبياً ولكن هذا النص العظيم بفكرته ولغته وأبعاده وشجونه والمليء بالمشاعر الجياشة والإنسانية أغراني بقوة لإنجازه.
و كان التعاون و التجاوب و مشاركة الفريق الذي عمل معي من أهم الأشياء التي ساعدت وأنجزت العرض بشكله الحالي الذي اعتبره إلى حد كبير متكامل وأخص بالذكر الممثلة الرائعة المبدعة الآنسة ساندي جربوع المحترمة، لأن تفاعل الجمهور مع هذا النوع من المسرح ضعيف هذا من جهة و من جهة أخرى و هي الأهم هي أن أغلب من يعمل على المونودراما برأيي يعتبر أن الإخراج و التمثيل ليس من أجل إدهاش وشد الجمهور بل من أجل التمثيل و هذا هو المطب الكبير الذي تسقط به أغلب عروض المونودراما فتخسر المشاهد العادي و المختص.
وأريد أن أتوجه برجاء المطالبة بحق عروض المحافظات التي تعرض بدمشق بأن يكون لها على الأقل فرصة ثلاثة عروض و ليس عرضاً واحداً يبدو وكأنه يسرق وقته و يهرب
ساندي جربوع /تمثيل/
ساره شموط /م. مخرج و صوت/
عزة الناصر /إضاءة
ديانا فلاحة و انجي الناصر /تصميم و تنفيذ الملابس و المكياج/ فادي عقاد و عبد الله زحلوق/ تصميم و تركيب و تحريك ديكور/