من يطالع الأخبار الواردة من وزارة الكهرباء، والتأكيدات الصادرة عنها حول دخول 73 مشروعاً لتوليد الطاقات البديلة “على دفعات” حيز التنفيذ في القطاعين العام والخاص، يستطع القول إن الحواجز التي كانت تحول “حتى وقت قريب جداً” بين ضرورة توطين وانتشار تكنولوجيات الطاقات المتجددة “الريحية والشمسية” وبين حتمية استيعابها وتطبيقها بدأت تتداعى شيئاً فشيئاً.. بعد عقود من الوعود والترقب والانتظار، والمحاولات لمجرد المحاولات.
هذا الحراك الطاقي الجدي لا الخلبي، يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى وجود جهود يقظة “عامة وخاصة” تبذل لإخراج هذا المارد من قمقم الكتب والمراسلات وورشات العمل والحملات الدعائية ـ الإعلانية والندوات والاجتماعات، التي لم تثمر طيلة عقود مضت عن تسجيل أي تقدم استراتيجي يذكر “ولو قيد أنملة” على الرغم من حزمة القوانين والتشريعات “التي بقيت لسنوات حبيسة الأدراج”، إلى جانب سلة فوائد تكنولوجيات الطاقة المتجددة من خلق فرص عمل، والحد من تلوث الهواء، والحاجة إلى كميات أقل من المياه، والمهم والأهم اقتصارها على استخدام مواردنا المحلية ـ المناخية مما يساعد على حماية اقتصادنا، ويحمي ويقوي أمننا الطاقي الوطني من صدمات وتبعات وتداعيات العقوبات الخارجية التي لا تستطيع محاصرة أشعة الشمس، ولا بناء سد في وجه الرياح.. ولا إدراجهما على لائحة الممنوعات والمحظورات، كونها ” تكنولوجيات الطاقة المتجددة” أصبحت تمثل أكبر مصدر محلي وعربي ودولي لتلبية الطلب المتزايد والمستمر على الكهرباء بأقل تكاليف مادية وبيئية وصحية.
هذه المقدمات التي يمكن وصفها بالجيدة والمبشرة، يجب أن يتبعها خطوات جديدة وجيدة، وصولاً إلى النتائج التي مازلنا نمني النفس أن تكون هي الأخرى جيدة وملبية ومواكبة لحاجة قطاعاتنا الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية الملحة والضرورة لضمان ديمومتها وتطورها وتقدمها واللحاق بركب من سبقنا، واغتنام الفرص لا الفرصة التي تمكننا ليس فقط من نشر هذه المنظومة على أوسع نطاق ممكن، وإنما من توطين صناعة هذه التكنولوجيا الحديثة ـ المتطورة محلياً بالشراكة والتوءمة الحقيقية مع القطاع الخاص.. وصولاً إلى تطبيق شعار “أنتج.. ونقل.. ووزع.. في سورية”.. وخلق قطاع مستدام وآمن موثوق.. لا أعرج وباهظ التكاليف.
الكنز- عامر ياغي