الكاتب البريطاني مارك كيرتس يوثق: لندن أنفقت 350 مليون جنيه إسترليني لدعم الإرهابيين في سورية

الثورة أون لاين – ترجمة: ختام أحمد:

أنفقت حكومة المملكة المتحدة ما لا يقل عن 350 مليون جنيه إسترليني لتعزيز قوات “المعارضة” والمشاريع في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في سورية، بحسب ما توصلت إليه صحيفة Declassified، ولم يقدم صندوق وايتهول وصندوق الاستقرار والأمن الذي تم من خلالهما تمويل المشاريع منذ إنشائهما في عام 2015، تفاصيل كاملة عن برامجهما.
ولكن مع “رفع السرية” تم إثبات أن بريطانيا مولت 13 مشروعًا لدعم “المعارضة” السورية بقيمة 215 مليون جنيه إسترليني في السنوات الخمس الماضية، ومن هذا المبلغ، جاء ما لا يقل عن 162 مليون جنيه إسترليني من ميزانية المساعدات البريطانية التي تدعي الحكومة أنها تهدف إلى “هزيمة الفقر ومعالجة عدم الاستقرار وخلق الرخاء في البلدان النامية”، وهذه الأموال منفصلة عن برنامج “المساعدات الإنسانية” البريطاني في سورية.
تظهر وثائق المشروع أن المساعدات البريطانية كانت تقدم منذ سنوات في مناطق من سورية تنتشر فيها الجماعات المتطرفة، بدأ تمويل المملكة المتحدة للجماعات المتمردة السورية بعد فترة وجيزة من التمرد على الحكومة السورية في أوائل عام 2011.
وتزامنت مشاريع المساعدات مع برنامج سري بريطاني للإطاحة بالحكومة السورية تم تنفيذه مع حلفاء مثل الولايات المتحدة ودول الخليج وتركيا، ومن هناك تم تشغيل مشاريع CSSF، وسعت المملكة المتحدة إلى تنصيب حكومة موالية للغرب في دمشق ورعاية المناطق التي تسيطر عليها “المعارضة” كبديل للحكومة الموجودة.
الرقم 350 مليون جنيه إسترليني هو أقل من الواقع لأنه لا يشمل الأنشطة الممولة من ما يسمى بـ “الميزانية السوداء” في المملكة المتحدة، بما في ذلك العمليات الاستخباراتية.
تقدم الحكومة البريطانية معلومات تمويل متناقضة إلى البرلمان، ومن المعروف أن صندوق الضمان الاجتماعي غامض، على سبيل المثال تنقيح أسماء العديد من المقاولين الذين ينفذون المشاريع.
أبلغت الحكومة البريطانية البرلمان في نيسان أبريل 2018 أن قوات الأمن الخاصة “مولت بعض المشاريع التي شاركت فيها مجموعات مسلحة معينة من المعارضة السورية المعتدلة”.
أحد المشاريع التي تديرها وزارة الخارجية بعنوان “من أجل أمن سورية” بلغت قيمته 28.2 مليون جنيه إسترليني خلال الفترة 2016-2017 وقدم “المساعدة الفنية والمعدات” لـ “المعارضة المسلحة المعتدلة” لمساعدتها على “السيطرة على الأراضي من المتطرفين والنظام”، وكان أحد أهدافها “تمكين المعارضة المسلحة “المعتدلة” في جنوب سورية من إدارة الأراضي التي يسيطرون عليها بشكل أفضل”.
وتقر بعض الوثائق أن الجماعات المسلحة المتطرفة يمكن أن تستفيد من المساعدات البريطانية، وحصل أحد المشاريع الذي أطلق عليه “تعزيز هياكل الحكم داخل سورية” على تصنيف مخاطر عالية مقارنة بـ “الوجود الكبير للجماعات المسلحة”.
يهدف المشروع الذي تبلغ قيمته 27.5 مليون جنيه إسترليني ويمتد من 2016 إلى2020، إلى “تعزيز أنظمة الحكم في مناطق المعارضة المعتدلة” بقيادة وزارة التنمية الدولية البريطانية آنذاك.
كان المشروع يهدف إلى “تمكين المعارضة من تقديم الخدمات الرئيسية للسكان المحليين، وتوفير بديل للنظام والجماعات المتطرفة”، وغطى المشروع أربع محافظات في شمال غرب سورية- ريف دمشق وحلب وإدلب ودرعا – والتي تم الاعتراف بها على أنها “مناطق محاصرة” تحت “ضغط من الجماعات المسلحة”.
تضمن المشروع “التنسيق مع الجماعات المسلحة من أجل تسهيل تقديم الخدمات”، ومن هذه التنظيمات ” تحرير الشام” المتطرفة، التي تشكلت في أوائل عام 2017 من اندماج العديد من قوات “المعارضة” بما في ذلك فرع القاعدة
جبهة النصرة تسيطر الآن على أجزاء من شمال غرب سورية، حيث تفرض عقيدتها المتشددة على أربعة ملايين سوري يعيشون هناك، فالناس في المنطقة الآن يعيشون تحت وطأة المتشددين وغياب حرية التعبير أو الرأي السياسي، ويجب أن يتبعوا قواعد صارمة فيما يتعلق بكيفية لباسهم وقص شعرهم، في حين لا يسمح للرجال والنساء بالاختلاط في الأماكن العامة.
وكانت حكومة المملكة المتحدة على دراية بأن برامج CSSF السرية الخاصة بها مثيرة للجدل، ووصفت أحد البرامج الداعمة “للمعارضة” السورية بأنه “حساس سياسيًا”، لكن الحكومة أشارت باستمرار إلى “أسباب أمنية” لعدم الكشف عن الجماعات المتمردة التي تدعمها.
وتظهر الوثائق التي تم الكشف عنها في عام 2016 أن المملكة المتحدة تعتقد أن جماعات المعارضة “المعتدلة” تشمل حركة الحزم، وهي قوة قاتلت مع “الجهاديين” في ساحة المعركة، و”جيش الإسلام”، وهي جماعة “سلفية” مدعومة من السعودية سعت إلى فرض حكم” أصولي متطرف” في سورية.
صمود سورية..

لطالما كان اعتبار جماعات “المعارضة” المسلحة في سورية “معتدلة” مصدر خلاف حسب بيتر فورد، سفير المملكة المتحدة في سورية من 2003-2006 ، حيث أكد أمام تحقيق برلماني “أن وجود الجماعات المعتدلة في سورية كان إلى حد كبير من نسج الخيال”.
وقد أصرت الحكومة البريطانية على أن “المعارضة المعتدلة تتكون من أشخاص لا يؤيدون قيم النظام ولا قيم داعش ولا القاعدة”.
تشير وثائق CSSF إلى أنه “كلما تمكنا من دعم المعارضة للعمل معًا بشكل جماعي ومتماسك، كلما استطعنا المساعدة في إثبات أنها بديل قابل للتطبيق لكل من النظام والجماعات المتطرفة”. كان الهدف من أحد مشاريع المساعدات المسماة “الصمود في سورية”، بقيمة 26.9 مليون جنيه إسترليني خلال 2017-20 وتديره وزارة الخارجية، “منح المصداقية للمعارضة المعتدلة” من خلال تمكينها من تقديم الخدمات للمجتمعات المحلية.
لطالما تم تمويل تجمع “المعارضة الوطنية” في سورية من قبل قوات الأمن الخاصة، وتشير وثيقة صدرت في كانون الأول 2015 إلى أن المملكة المتحدة قدمت المستشارين والتدريب والدعم اللوجستي لأمانة “الائتلاف الوطني السوري والمركز الإعلامي في اسطنبول” حيث عرضت المملكة المتحدة أيضًا دعمًا للتفاوض والاتصالات، وكان الهدف الرئيسي هو أن “تطوّر المعارضة مواقف سياسية متماسكة وتكون أكثر قدرة على التفاوض بفعالية”.
“شرطة المجتمع”..
كان أحد مشاريع قوات الأمن الخاصة المثير للجدل هو دعم المملكة المتحدة لما يسمى “بشرطة سورية الحرة”، والتي تهدف إلى أن تكون قوة أمنية يقودها المجتمع وتعمل في المناطق التي تسيطر عليها “المعارضة” مثل إدلب وحلب والغوطة الشرقية.
وجاء الدعم البريطاني من خلال برنامج يُعرف باسم الوصول إلى العدالة ودعم المجتمع (AJACS)، تديره شركة الاستشارات الخاصة آدم سميث إنترناشونال، وهي مقاول مساعدات بريطاني رئيسي.
تم تعليق AJACS مؤقتًا في كانون الأول 2017 بعد أن بثت BBC Panorama برنامجًا بعنوان “الجهاديون تدفعون مقابلهم”، حول الفساد وأموال المساعدات التي تصل إلى أيدي الجماعات الإرهابية، ومن زعم أن آدم سميث الدولية على علم بأنشطة إرهابية أو فشل في التحرك بسرعة بعد اكتشاف أن جزءاً من الأموال قد بلغ الإرهابيين.
وكشف البرنامج عن صلات بين مركزين لشرطة سورية الحرة ومحاكم تديرهما جبهة النصرة، وقال إن بعض ضباط الشرطة أجبروا على تسليم الأموال للجماعات المتطرفة التي تسيطر على المنطقة.
ونفت الحكومة البريطانية وشركة آدم سميث إنترناشيونال هذه المزاعم، واستأنفت المشروع في أوائل عام 2018 قبل عام من برنامج بانوراما في حزيران 2016، وزعمت حكومة المملكة المتحدة أنه “تم اختيار المستفيدين بعناية لمنع تسليم المعدات لأولئك المتورطين في الأنشطة المتطرفة”.ومع ذلك أقر البيان نفسه: “لا يزال خطر التحويل احتمالًا حقيقيًا”.
استمر التمويل البريطاني لهذه الشرطة لمدة أربع سنوات وتوقف في أيلول سبتمبر 2018. وتشير وثائق CSSF إلى أن المملكة المتحدة قدمت ما لا يقل عن 8 ملايين جنيه إسترليني من الأموال، بما في ذلك توفير التدريب ومعدات الاتصالات والمركبات.
كما دعمت المملكة المتحدة “الشرطة المجتمعية” في جنوب غرب سورية، والتي وصفتها إحدى الوثائق بأنها “واحدة من آخر المناطق التي ظلت تحت سيطرة جماعات المعارضة المعتدلة”. ومع ذلك تم تقليص المشروع منتصف 2018 مع استعادة قوات الجيش السوري جنوب البلاد.
لطالما كانت المملكة المتحدة ممولًا مهمًا للعمليات الإعلامية للمعارضة السورية
كشف الصحفي إيان كوبين في عام 2016 أن الحكومة البريطانية كانت “تشن حربًا إعلامية” في سورية من خلال تمويل أنشطة إعلامية لبعض الجماعات المقاتلة المتمردة. وقد مولت بريطانيا خمسة برامج سرية في سورية بدأت في عام 2012 ، وتنطوي على إنشاء شبكة من الصحفيين المواطنين في جميع أنحاء البلاد لتشكيل تصورات الصراع.
كما تبين أن المملكة المتحدة تدير سراً أجزاء من “المعارضة” السورية. حيث منحت عقودًا لشركات اتصالات اختارت ودربت متحدثين باسم المعارضة، وأدارت مكاتبهم الصحفية وطوّرت حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
برامج الدعاية السرية كانت “سيئة التخطيط، وربما غير قانونية وتكلف الأرواح”، وتُظهر وثائق CSSF أن بريطانيا سعت إلى استخدام “الاتصالات الاستراتيجية لتعزيز الأصوات المعتدلة وتقديم روايات بديلة ومعتدلة تعارض وتقوض روايات النظام والجماعات المتطرفة العنيفة”.
وقد لا تزال بعض هذه المشاريع قيد التشغيل. أحدها بعنوان “برنامج سورية المستقبل”، والذي تبلغ قيمته 6.96 مليون جنيه إسترليني من 2019-21، ويهدف المشروع إلى: “تحدي الروايات الروسية، والتصدي للمعلومات الخاصة بالمعارضة، وتوضح الوثيقة أنها ستتحدى المعلومات المضللة “خارج سورية، وتضخم الحقيقة وتضخم آراء السوريين المعتدلين”.

تدير وزارة الخارجية المشروع لكن الوثائق نقحت أسماء منفذيها لذا ليس من الواضح من يدير الحملة. وفي كانون الأول 2015 أشارت حكومة المملكة المتحدة إلى أنها أنفقت 5.3 مليون جنيه إسترليني لتدريب “أكثر من 300 صحفي وناشط سوري من أجل تطوير إعلام سوري مستقل”. وشمل ذلك إنشاء “شبكة من وسائل الإعلام المستقلة في جميع أنحاء سورية”، والتي كانت تصل إلى السوريين من خلال الإذاعة والتلفزيون وتوزيع المجلات.
عمل سري في المملكة المتحدة..
تشير الدلائل إلى أن بريطانيا بدأت عمليات سرية ضد “النظام” في سورية في أواخر عام 2011 أو أوائل عام 2012. وبحسب ما ورد شاركت وكالة الاستخبارات الخارجية البريطانية MI6 في شحنات أسلحة وتدريب وتنظيم “المعارضة” في عملية سرية مع حلفائها في الولايات المتحدة والشرق الأوسط و من المعروف أن المخابرات البريطانية شاركت في العمليات العسكرية ضد سورية و استمرت حتى منتصف عام 2018 على الأقل. وساعدت السياسات السرية والعلنية الداعمة للمتمردين السوريين من قبل جهات أجنبية مثل المملكة المتحدة في تحويل التمرد إلى “حرب أهلية” وساهمت في إطالة أمدها. ومع ذلك فإن الشعار المكرر في منشورات مثل الغارديان والأوبزرفر هو أن بريطانيا لم تكن متورطة إلى حد كبير في سورية، وكانت إحدى المقالات الافتتاحية للأوبزيرفر بعنوان “فشل الغرب المخزي في التصرف” ووصفت “إهمال” الحكومات الغربية للحرب، ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه التقارير قد تأثرت بالعمليات الإعلامية التي تمولها CSSF. DM.
بقلم: مارك كيرتس
محرر في Declassified UK

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يستقبل المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا الرئيس الشرع وملك البحرين يؤكدان تعزيز التعاون الخارجية الأميركية: العلاقات مع سوريا تدخل مرحلة جديدة غروسي: نتطلع إلى تعزيز التعاون مع سوريا ونخطط لزيارتها مجدداً تعزيز التنسيق المشترك عربياً ودولياً في لقاء نقابي سوري سعودي  "المركزي" كوسيط مالي وتنظيمي بين الأسر والشركات  "وهذه هويتي".. "حسين الهرموش" أيقونة الانشقاق العسكري وبداية الكفاح    إصدار التعليمات التنفيذية لقرار تأجيل الامتحانات العامة   لبنان يعلن عن خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين على مراحل لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار.. الحبتور يزور سوريا على رأس وفد رفيع قريبا  2050 حصة من الأضاحي لأهالي ريف دمشق الغربي "أطباء درعا" تقدم الأضاحي عن أرواح شهداء الثورة   التربية تشدد على التنسيق والتأمين الكامل لنجاح امتحانات2025 ضخ المياه إلى شارع بغداد بعد إصلاح الأعطال الطارئة أعطال كهربائية في الشيخ بدر.. وورش الطوارئ تباشر بالإصلاحات الجولات الرقابية في ريف دمشق مستمرة لا قضيّة ضد مجهول.. وعيونهم لا تنام الأدفنتست" تعلن بدء مشروع "تعزيز سبل العيش" في درعا "تاريخ كفر بطنا ".. خربوطلي : من أقبية الفروع الأمنية بدأت رحلتي  نيويورك تايمز: المقاتلون الأجانب بين تقدير الثورة ومخاوف الغرب