الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
لعل باريس كانت المدينة الأوروبية الأنسب كي تكون مركزاً لتجمع عربي فاعل، يتخطى الكم فيها إلى النوع، ويأتي كتاب “باريس عاصمة عربية” للصحفي الفرنسي نيكولاس بو، ترجمة الرحالة الكاتب عدنان عزام، محاولة لرصد الوجود العربي وحجمه في مدينة النور، تمهيداً لتكوين لوبي عربي متماسك وقوي، بعيداً عن الخلافات والاختلافات القطرية والمذهبية والعقائدية، ولكن دائماً كان اللوبي الصهيوني لهم بالمرصاد، والكتاب يفضح جرائمه ومؤامراته التي أدت إلى خلق ما أطلق عليه “الربيع العربي”..
وبدوره أقام اتحاد الكتاب العرب حفل توقيع وندوة، شارك فيها د. ممدوح أبو الوي مقرر جمعية القصة واعتذر د. مهدي دخل الله وأدار الندوة د. جهاد بكفلوني.
عدنان عزام: يهدمون أحلام العرب..
يقول الكاتب عدنان عزام عن الكتاب أنه ينضوي تحت سلسلة كتب الاستشراق التي درست الشرق وحللت جميع تفاصيله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، أراد الكاتب الفرنسي نيكولاس بو من خلاله أن يؤرخ لوصول المؤرخين العرب إلى باريس، بدءاً من الطالب المصري رفاعة الطهطاوي الذي وصل باريس في العام 1830 ومن ثم تبعه الآلاف من الطلاب والمثقفين ليدرسوا ويستقروا بالقرب من جامعة السوربون الباريسية.
كما تحدث الكاتب عن شريحة أخرى وصلت فرنسا وهي ملايين العمال الذين أوصلتهم الدولة الاستعمارية الفرنسية من دول عربية مختلفة “الجزائر، المغرب، تونس” أحضرتهم بعد الحرب العالمية الأولى والثانية ليقوموا بإعادة بناء ما دمرته الحرب.
أما الشريحة الثالثة التي وصلت إلى فرنسا وتحدث عنها الكتاب، فهي شريحة رجال الأعمال الذين أتوا فرنسا واستوطنوا بجادة الشانزليزيه كونها تتناسب مع طموحاتهم المالية والتجارية.
هذه الشرائح الثلاث “رجال الأعمال، المثقفون، العمال” كما بين عزام بدأت تسعى إلى تحقيق حلم كبير وهو وجود منبر ولوبي عربي يخدم المصالح العربية، ولكن هذا الأمر لم يرق للوبي الصهيوني، بل أثار حفيظته وخصوصاً أنه المسيطر على مقدرات ومجريات الأمور في الدولة الفرنسية ومعظم دول العالم.
وتحقق له ما أراد، فقد هدم كل ما هو إيجابي عن العالم العربي، واستحضر الشرائح الإرهابية التكفيرية، وبدأ يعطيها كل مقومات القوة لتسيطر على كل ما هو عربي في الدولة الفرنسية، وقد قام هذا الوجود التكفيري الإرهابي فيما بعد بصناعة ما يسمى الربيع العربي، الذي نعيش مآسيه ومحنته منذ عشر سنوات في سورية، والكتاب بتفاصيله يشرح كيف يتم صناعة اللوبي الصهيوني وكيف يتم هدم الوجود العربي في فرنسا.
د. ممدوح أبو الوي: القضايا العربية آخر اهتماماتهم
يبدو أن المؤلف كما يبين د. ممدوح أبو الوي لم يتحدث فقط عن اللوبي الصهيوني وعدائيته للعرب ومحاولته تشكيل خلايا من الإرهابيين ينثرونهم في الدول العربية، يعيثون فيها الدمار والخراب، بل توقف عند بعض الجاليات العربية في باريس والتي حملت معها عيوب مجتمعاتها العربية كلها، مع أن الجالية العربية في باريس قادرة على مواجهة المخططات الصهيونية في باريس، لكن معظمها كان يهتم بالشأن الخاص أكثر من العام، يتحركون إما بدافع المصالح الشخصية الاقتصادية والسياسية، أو بدافع تلبية الشهوات وفي أكثر الحالات من أجل التآمر على بعضهم، ما ترك الفرصة مواتية للشخصيات الصهيونية ذات الخبرة العريقة في تدبير الدسائس والمؤامرات على العرب وعلى كل من يقف بوجه تحركاتها.
وبالرغم من انشغال البعض بشؤونهم الخاصة استطاعت بعض الدول كالعراق والجزائر وليبيا أن تقيم علاقات مع فرنسا، وقد استطاعت الجزائر أن تستقطب عدداً من مثقفي فرنسا من مثل جان بول سارتر لدعمها من أجل نيل استقلالها.
وبين بدوره أن المؤلف يأسف لأن باريس التي درس فيها رفاعة الطهطاوي وطه حسين، أصبحت مركزاً لتفريخ المجاهدين ضد دولهم والمرتبطين بالصهيونية والماسونية.