الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
من خلال ما نطالعه من ضغوط على الرئيس الأميركي جو بايدن، تحديداً من قبل النواب الجمهوريين المطالبين بعزله، يتبين لنا أنه أمام حالة من الرفض لاستمراره في منصب الرئاسة، وأن الأميركيين في حالة من الفوضى التي لم تهدأ بعد والتي أسست لها أحداث الاعتداء على الكونغرس واقتحامه في ٦ كانون الثاني الماضي والتي ما تزال تبعاتها حاضرة بقوة على المشهد السياسي الأميركي، والتي تبشر بمزيد من فوضاها في وقت قريب، بفعل الجمر الذي يوقده سلفه ترامب تحت رماد فوزه.
فبايدن الذي لم يمض على تسلمه مهامه الرئاسية إلا أشهر معدودة لم تكمل السنة بعد، يبدو أن مصيدة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مستمرة بملاحقته خطوة بخطوة، وبما يؤكد أنه وأتباعه من غالبية الجمهوريين لا يريدون ولا يودون الاعتراف ببايدن، والدليل مساعيهم المتواصلة والعلنية لعزله من البيت الأبيض.
هذا ما يظهر من خلال ثلاثة مشاريع قرارات في الكونغرس تدعو لعزل بايدن، قدمتها النائبة الجمهورية والمناصرة لترامب عن ولاية جورجيا مارجوري تايلور غرين إلى الكونغرس، حيث غردت وفق ما نقلته عنها مجلة نيوز ويك الأميركية بالقول: “قدمت اليوم ونيابة عن الأميركيين مشاريع لعزل بايدن بسبب عدم تنفيذه لواجباته في منصبه فيما يخص الوضع في أفغانستان” وأنه من الضروري عزل بايدن لأسباب أخرى أيضا بما فيها أزمة الهجرة المستمرة على الحدود الأميركية الجنوبية: وما وصفته بـ “مخالفة التوازن الدستوري” التي أدى إليها “تجاهله لقواعد المحكمة العليا”.
ووفق معطيات سابقة فإن غرين سبق لها أن أعلنت عزمها تقديم لائحة اتهام لعزل بايدن في أول يوم لتوليه السلطة في كانون الثاني الماضي، فيما مؤخراً اقترح عدد من النواب الجمهوريين عزله من منصبه بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول إثر الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
إذاً بايدن أمام تحديات جديدة ومواجهات قادمة تنتظره من خلال رفض الجمهوريين استمراره كرئيس، وما يتخذه من قرارات لم تجد صدى إيجابياً لدى الكثير من المسؤولين الأميركيين خاصة في موضوع الحروب وتثبيت أقدام التموضع الأميركي وانتشاره، علما أن الإدارات الأميركية “جمهورية كانت أم ديمقراطية” متعطشة دائما للأطماع والحروب والقتل والتدمير والتخريب والتشريد والسرقة والنهب والفوضى واللصوصية، ومحاولة إلغاء الآخر من قاموس الوجود والحياة، وتحويل الشعوب إلى عبيد ومجرمين وإرهابيين كي تتسيد، بينما يعيش العالم في القرن الحادي والعشرين ويرنو إلى إعادة توزع توازناته الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية.
من هنا يبدو أن الخلافات والصراعات الداخلية بين الديمقراطيين والجمهوريين بدأت تأخذ منحى تصاعديا لكنها مبدئيا تظهر متخفية بالوجهة الخارجية أكثر، لأنه لا فرق أو اختلاف بين الطرفين في قيادة دفة السياسات الخارجية وأساليب محاولة ترهيب العالم.
من خلال ما يجري يبدو أن أميركا مقبلة على مرحلة خطيرة من الصراعات ستكون كفيلة ربما بإلهائها داخليا وفق تحليلات سابقة نظرا لحجم المشاكل والمتغيرات التي تعصف بها، الأمر الذي سيقود سياستها للمزيد من الإخفاقات على الساحة الدولية.