منصة إلكترونية.. هل يصبح المواطن شريكاً في مكافحة الفساد؟

الثورة – هنادة سمير:

تتجه الأنظار في سوريا بعد التحرير نحو بناء مؤسسات أكثر شفافية، واستعادة ثقة المواطنين بالدولة، من هنا تم الإعلان عن إطلاق منصة إلكترونية جديدة مخصصة لاستقبال الشكاوى والبلاغات حول الفساد والرشاوى داخل المؤسسات الحكومية، تتيح للمواطن إدخال بيانات الموظف المخالف وإرفاق الأدلة المتوفرة، لتصل مباشرة إلى الجهات المعنية التي تعهدت بالتعامل مع البلاغات بجدية وشفافية.

أثارت هذه الخطوة التي تأتي في مرحلة إعادة بناء الدولة تفاعلاً في الشارع السوري، ما بين التفاؤل بقدرتها على كسر جدار الصمت والخوف، وببن التحفظ بشأن فعاليتها وإمكانية إساءة استخدامها.

أداة آمنة لإيصال أصواتنا

المواطنة جمانة مرهج، ترى أن المنصة تمثل بداية جديدة في العلاقة بين المواطن والدولة، فبعد سنوات طويلة عشناها ونحن مضطرون لدفع الرشاوى لإنجاز أبسط المعاملات، كنا نشعر بالعجز، فقليل من يجرؤ على التبليغ عن موظف متنفذ، أما الآن مع الإعلان عن وجود منصة آمنة ليعبر فيها المواطن عن وجعه، نتفاءل أن أصواتنا ستكون مسموعة وهذا يمنح كل مواطن الشجاعة ليقول (لا) للفساد.

وتضيف: إن الطابع الرقمي للمنصة يرفع الحرج عن المشتكي ويمنحه حماية من المواجهة المباشرة فهو لم يعد مضطراً لأن يدخل في خصومات أو يخاف من الانتقام، السرية التي توفرها المنصة عنصر أساسي سيشجع كثيرين على استخدام هذه الأداة.

هل نرى محاسبة فعلية؟

من جهتها تقر منال رشيد- معلمة، بأهمية هذه المنصة لكنها ترى أن نجاحها مرتبط بالنتائج الفعلية، وتقول: المواطن السوري يريد أن يرى أفعالاً لا أقوالاً، نأمل أن تلقى الشكاوى استجابة واهتماماً من المعنيين، فلن يثق الناس بها ما لم يروا تغييراً على أرض الواقع، فما نحتاجه هو محاسبة واضحة تطول الموظفين الفاسدين أمام الجميع، وإلا ستفقد المنصة معناها.

في المقابل عبّرت منال عن قلقها من إمكانية إساءة الاستخدام، فهناك من قد يستغلها للإساءة أو لتصفية حسابات شخصية عبر بلاغات كيدية، ولمنع ذلك ترى ضرورة وجود آلية تحقيق دقيقة تحمي الأبرياء، وتفرز الشكاوى الجدية عن غيرها.

الوعي المجتمعي

أما المواطن عمر الحسن، وهو صاحب سوبر ماركت، فيرى أن نجاح المنصة لا يتوقف فقط على الجانب التقني، بل على وعي الناس أنفسهم، فالمنصة بحد ذاتها خطوة جيدة، لكن الرشوة والفساد باتا في نظر كثير من الناس أمراً عادياً لتسيير أمورهم، وبالتالي لابد من العمل على تغيير هذه الثقافة التي سادت في المجتمع نتيجة فساد العهد البائد وزرع ثقافة جديدة تنبذ الفساد ومرتكبيه ومن هنا تبدأ الحرب على الفساد.

ويعبر إياد المولى عن حماسه للفكرة، باعتبارها جزءاً من التحول الرقمي الذي تحتاجه سوريا الجديدة، وحسب تعبيره، جيل الشباب يستخدم التطبيقات والمنصات بشكل يومي، ومن الطبيعي أن نثق بأداة رقمية أكثر من الثقة بطرق التبليغ التقليدية، وفي حال تم تطوير هذه المنصة بواجهة سهلة وآمنة ستجعل الشباب أكثر إقبالاً على المشاركة في مكافحة الفساد.

خطوة في طريق الحوكمة

الخبير في الإدارة العامة عماد منصور في حديثه لصحيفة الثورة، يرى أن هذه المنصة تمثل أداة مهمة في معركة سوريا بعد التحرير ضد الفساد، لكنها تحتاج إلى ضمانات جدية موضحاً أن المنصة ليست مجرد وسيلة تقنية، بل تعبير عن تحول نحو الحوكمة الرشيدة، فإشراك المواطن في الرقابة يعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة، ويضع المؤسسات تحت عين المجتمع.

ويتابع منصور: ما يمنح المنصة قيمة حقيقية هو توثيق الأدلة رقمياً وربطها بمسارات قانونية واضحة، لكن الأهم من ذلك بحسب الباحث منصور هو الشفافية في النتائج، أي نشر تقارير دورية تبين عدد الشكاوى التي عولجت والإجراءات التي اتخذت، ومن دون هذه الخطوة، ستظل الشكوك قائمة حول الجدية.

واعتبر منصور أن نجاح المنصة سيكون مقياساً لمدى التزام الدولة الجديدة بمبدأ المحاسبة، مشدداً على أن الثقة تبنى بتحويل الأقوال إلى أفعال.

ما بين الأمل والتحدي

بين أصوات متحمسة ترى في المنصة بداية جديدة لمجتمع يواجه الفساد بجرأة، وأصوات متخوفة تشكك في التطبيق، يبقى الامتحان الحقيقي في التجربة العملية. فالمواطن السوري الذي خبر آثار الفساد لسنوات طويلة، يتطلع اليوم إلى أدوات فعلية تعيد ثقته بالمؤسسات، وفي سوريا بعد التحرير، قد تمثل هذه المنصة الإلكترونية أكثر من مجرد خدمة رقمية، إذ يمكن أن تكون مؤشراً على ولادة مرحلة جديدة، ويصبح المواطن شريكاً في الرقابة والمحاسبة، وتتحول الشفافية من شعار إلى ممارسة يومية.

آخر الأخبار
دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر