لم تعد الأسر تعتمد على البرادات، فغالبية ربات البيوت لم تحضر مؤونة لفصل الشتاء، ليس بسبب الغلاء وحده وإنما أيضاً بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة لاتكفي لتجميد حتى كأس ماء.
لم تعد الأسر كما في السابق تشتري الخضار بكميات تكفي لأكثر من يوم، ولم تعد الأمهات الموظفات تطبخ طعاماً ليومين لانشغالهن بدوامهن، والسبب أيضاً حر الصيف وعدم توفر الكهرباء.
لا يختلف الأمر عند غسيل الملابس فمدة وصل الكهرباء لاتغطي مدة برنامج الغسالة ما يعرض الملابس لخطر التلف، فتضطر الأمهات للعودة إلى الغسيل اليدوي.
يعقد أفراد الأسرة اتفاقاً على مواعيد وصل التيار الكهربائي لشحن الهواتف واللاب توب، أو إنهاء الأعمال المتأخرة على كمبيوتر البيت، واستخدام المطحنة الكهربائية، أو المكنسة، وربما بعض الإصلاحات في الثياب أو الأدوات المنزلية.
فرضت ساعات وصل التيار الكهربائي على الأسر تنظيم يومياتها وفق توفرها في إنهاء الأعمال، أو الدراسة وتحضير الطعام وتنظيف البيوت، وزيارة الطبيب، لدرجة أن يكون الموعد ليس بالساعة الفلانية، وإنما لحظة انقطاع التيار، أو لحظة وصل التيار، أصبحت عبارة أراكم عند انقطاع أو عند وصل التيار هي الموعد الشائع.
حتى طلاب وطالبات الجامعات نظموا مواعيد دراستهم على موعد الوصل والقطع.
تأقلمت الأسرة مع غياب الكهرباء، ورقصت مع الحر وضجيج المولدات والعتمة داخل البيوت، لكنها في المقابل عانت في أماكن العمل فقد خسر الكثير من أصحاب المهن جزءاً كبيراً من أعمالهم ودخلهم الشهري بسبب عدم توفر الكهرباء، ولم تعد الأسرة تفكر بخسارة المؤن أمام خسارة العمل والدخل.
لن تستطيع الأسرة تحمل تنظيم وقتها على ساعة الوصل والقطع، ولا خسارة الدخل، فكيف سيكون رقصها مع التيار، مع قدوم المدارس ولاحقاً فصل الشتاء والبرد.
عين المجتمع – لينا ديوب