الثورة أون لاين – هنادة الحصري:
تقول الأم تيريزا : ( في هذه الحياة لا نستطيع أن نعمل أشياء عظيمة يمكن أن نعمل أشياء صغيرة بمحبة كبيرة) ، ثمة حالة من الشجن ظهرت جلية في كلمة السيد المفتي العام بدر الدين حسون عندما سامح و غفر لمن أفقده ولده الحياة ، و هو في هذا كان مثالا رائدا في تطبيق جوهر الإسلام الحقيقي و مطلق الايمان بتعاليمه.. لعلنا جميعا نلاحظ أفول حالة الفرح في حياتنا ، فالألم يتراكم ليترك ندبات في القلب عندما تذكرها تهب غصات و غصات ، خصوصا ان كانت ممن نحبهم… هل يستطيع أحدنا أن ينسى الأذية؟ .. ان محاولة طرحنا لهذا السؤال تكون كمن يحاول أن يلغي الماضي أو يوقف الحاضر أو يبتر المستقبل ، ولكن هذه الحالة من الألم و التي يضع أكثر الناس خطا عريضا تحتها بعنوان (الأسى ما بينتسى) ، هل ستبقينا أسرى لها أم سنتجاوزها و نغفر ؟ ..
في مقال أوردته احدى المجلات الأمريكية ، التي تهتم بالصحة النفسية تركز الباحثة على ضرورة عدم انتقاد الاّخرين لأننا عندما ننتقدهم لن يكون لدينا الوقت لنحبهم ، و قبل أن ننتقدهم لماذا لا نضع أنفسنا مكانهم ، و نحترم حقهم في الرأي ؟ لأنه و في أكثر الأحيان إن أي انسان ليس بمنأى عن ارتكاب الأخطاء ، و كما نأمل من الآخرين أن يغفروا لنا أخطاءنا علينا نحن أيضا أن نستعد لنغفر لهم أخطاءهم و نسامحهم عليها ، و لكن في الحقيقة الغفران ليس بأمر سهل لأن الجميع يريدون من الآخر أن يطابقهم في الرأي فإذا خالفهم فهو ضدهم.. لكن تؤكد الباحثة أن المسامحة و الغفران ، هي من أهم الأمور التي تحرر الانسان وروحه من المشاعر السلبية التي تكبلها ، و تمنعها من مواجهة الحياة بسعادة ، و تقترح جملة خطوات على الفرد القيام بها.
أولا : لطالما أن الحياة قصيرة ، و هي لا تساوي جناح بعوضة ، و الموت أقرب مما نتوقعه يجب تعلم الغفران لكي نعيش الحياة بدقائقها ، ولا نعكر صفونا بحقد الآخرين الذين لا يعرفون سبب كرههم لنا ، و انما يعرفون فقط أن ينتقدوا و يجرحوا ويستغيبوا.. فعلينا أن نقضي حياتنا بالتقرب من الله متجاوزين هفوات البشر …
ثانيا : ضرورة ملء القلب بمشاعر المحبة ، فمشاعر المحبة تنمي الجانب الروحي ، و تساعد على الاستخفاف بالصعاب ، و تطرح الضغينة جانبا ، هذه الضغينة التي تدمر صاحبها قبل أن يدمر غيره ، ان هاتين الخطوتين لا تتحققان الا عندما يقتنع الفرد تماما بصوابية مبدأ الصفح و الغفران .. تحكي الأسطورة أنه في كل عام هناك مسابقة تجري لاختيار صاحب أجمل قلب أبيض ، و في احدى المرات و قبل اعلان النتائج ظهر من الخلف رجل يصرخ ان قلبي هو الأجمل مع أنه قلبه خشن و غير أملس ، و مملوء بالحفر ، و الندبات و القروح ، ولما عارضه الجميع قال ، انظروا الى قلبي كل ندبة فيه تمثل شخصا وهبته محبتي ، و نزعت جزءا من قلبي و أعطيته له ، لذلك أصبحت هناك مناطق خشنة في قلبي ، و أنا أعتز بها و أحيانا كنت أعطي جزءا من قلبي ، و لكن الشخص الذي أعطيته لم يعطني في المقابل ، و هذه هي أمكنة الفجوات في قلبي ، و هكذا .. ان الجمال الحقيقي أن تقدم محبتك للآخرين ، و تقدم لنفسك ممحاة الحقد و الألم فيصبح القلب أبيض.