على إطلال بلاد الأفغان تبكي الدول الأطلسية الحليفة للولايات المتحدة على إطلال أفغانستان، وتلوم واشنطن بصمت وبخجل ممزوج بالقهر على إقدامها على سحب قواتها من أفغانستان دون التنسيق مع حلفائها، ومنهم شريكتها في تدمير وتخريب الأوطان بريطانيا، التي تقترب من فقدان رؤيتها للشمس بعد أن كانت لا تغيب عن امبراطوريتها الشمس. خرج وزير الخارجية عن صمته ليقول “إن الدولة التي لا تستطيع الالتزام بوعودها ليست بدولة عظمى.. أميركا بالتأكيد قوة كبيرة لكنها ليست قوة عالمية”.
البعض قد يقول إن هذا الوزير استفاد من تجربة أحد السياسيين اللبنانيين في وضعية “التخلي” ولذلك لا قيمة لكلامه عن توصيف حالة قوة الولايات المتحدة في المرحلة الراهنة، ولكن الواقع على الأرض يقول إن واشنطن تبذل جهوداً كبيرة وتكرس أدواتها لمنع التراجع في ظواهر القوة الأميركية، للمرة الأولى يتحدث رئيس أميركي عما تنفقه بلاده من المال في يوم على قوات بلاده في بلد ما خارج الحدود الأميركية، وهذا دليل سياسي على تراجع عظمة الولايات المتحدة، إضافة إلى سعيه لتبرير الفشل في أفغانستان وفوضى الانسحاب الذي أظهر للعالم الإسراع الأميركي بمغادرة هذه البلاد بخفي حنين تاركة لشركائها تدبير أمور انسحابها على خطا الهروب الأميركي.
وكذلك الأمر للمرة الأولى يوصف مسؤول بريطاني بهذه الصراحة واقع الإمبراطورية الأميركية، وهذا بحد ذاته حالة التباين بين ضفتي الأطلسي من جهة وبين لندن وواشنطن اللتين تميزت علاقاتهما في المسائل الدولية عن باقي أعضاء حلف الأطلسي.
هناك وخاصة في منطقتنا من لا يرى أو يريد أن يرى ما يحصل على المستوى الأميركي والدولي وبالتالي يعمل على أساس استمرار التأثير الأميركي منتظراً أن تأتيه التوجيهات والتعليمات من البيت الأبيض وخاصة في الملفات الإقليمية المستعصية بسبب عدم قدرة الولايات المتحدة على حسم الأمور في العديد من الجبهات، وهذا يعكس تراجعاً واضحاً أمام نفوذ التنين الصيني والدب الروسي، وبالتالي نتائجه تصب فيما ذهب إليه وزير الخارجية البريطانية مؤخراً.
يراقب العالم عن كثب السياسة الأميركية وتراجع أدواتها حيث لم تعد واشنطن تخفي حاجتها إلى الصين وروسيا في حل المشاكل والأزمات التي افتعلتها، وهذا سيكون له ثمن باهظ على مستوى الدور والسمعة والريادة العالمية.
إن السؤال الذي لا بد من طرحة هو هل تبادر بعض الأنظمة العربية في هذا الواقع الذي يتكون على صعيد ضعف التأثير الأميركي وتبادر إلى التحرر ولو بشكل تدريجي من سطوة السياسة الأميركية بما يسهم في حل الأزمات التي تهدد المنطقة وكياناتها السياسية؟.
حتى الآن لا نجد شيئاً من هذا القبيل من جانب الدول العربية المستسلمة للسياسة الأميركية رغم التشجيع الروسي والصيني لها ويوماً بعد آخر تتجدد المخاوف بأن تبقى هذه الدول منتظرة وتشاهد مسرح ما يحدث دون أن يعنيها التأثير في مجالات توجهاته.
معا على الطريق -أحمد ضوا