الثورة أون لاين – دينا الحمد:
هيئة إعلامية غربية بعد أخرى، وقناة فضائية بعد أخرى، تخرج في وضح النهار وتقر بأنها كانت تضلل العالم فيما يجري بسورية، وأنها كانت على خطا الحكومات الغربية والعواصم الغربية في اختراع الأكاذيب خلال سنوات الحرب الإرهابية، وأنها تعمدت غسل عقول مواطنيها ومواطني منطقتنا وحرف أنظارها عن حقيقة الأحداث، وضخت آلاف الرسائل المناقضة للواقع.
واليوم جاء دور هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لتقر بما سبقتها إليه أخواتها من الوسائل الإعلامية الغربية، وتعترف بأن الفيلم الوثائقي الذي أذيع عبر قناتها في شهر تشرين الثاني من العام الماضي حول الهجوم الكيميائي المزعوم في مدينة دوما عام 2018 يحتوي أخطاء خطيرة وادعاءات كاذبة.
ومثل هذا الأمر كشفته صحيفة ديلي ميل البريطانية التي ذكرت بأن اعتراف الـ (بي بي سي) بهذا الخطأ جاء بعد أن أيدت وحدة الشكاوى التنفيذية بالمؤسسة احتجاجاً قاده الكاتب الصحفي “بيتر هيتشنز، مشيرة إلى أنه وفقاً للمحكمين في هذه القضية فإن الفيلم الوثائقي الذي أعدته الصحفية الاستقصائية في بي بي سي (كلوي هادجيماتيو) أخفق في تلبية المعايير التحريرية للمؤسسة فيما يتعلق بالدقة من خلال نشرها ادعاءات كاذبة.
إذاً ووفقاً لهذه الفضيحة المدوية التي تسربها الصحافة البريطانية قبل غيرها فإن البرنامج الوثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية كان مخطئاً ومضللاً، كما أن مزاعمهم حول الهجوم الكيميائي كانت مجرد مسرحية وتأكيداً جديداً على حقيقة الحملات الإعلامية التضليلية الدولية التي تتعرض لها سورية.
اليوم تأتي الوثائق المسربة عن دور هيئة الإذاعة البريطانية التضليلي لتتطابق مع ما نشره موقع ويكيليكس في كانون الأول 2019 عن أربع وثائق مسربة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تستبعد استخدام غاز الكلور في مدينة دوما بريف دمشق، وتكشف أن اختصاصيين في علم السموم استبعدوا أن تكون الوفيات جراء التعرض للغاز في دوما، وذلك في تأكيد جديد على تلاعب الغرب بالتقرير النهائي حول الهجوم الكيميائي المزعوم، وتلاعب الإعلام الغربي بالحقيقة ومحاولته تضليل الرأي العام في الغرب ومنطقتنا.
هكذا إذاً تنقل هيئة الإذاعة البريطانية الأخبار الكاذبة ثم تبدأ بالتباكي على المآسي الإنسانية الحاصلة لإقناع العالم بأن عواصم الغرب تريد مصلحة الإنسان وحقوقه، رغم أن لندن واستخباراتها وإعلامها ساهموا بالفوضى الهدامة في سورية، وقتل السوريين وتشريدهم، ودعم التنظيمات المتطرفة، وهكذا تتسرب اليوم الفضائح عبر أجهزة إعلامها وتسرب بعضاً من فصول جريمة التضليل الإعلامي المذكورة.
كما وتتقاطع هذه الوثائق اليوم مع ما وثقه الكاتب البريطاني “مارك كيرتس” بأن بلاده أنفقت 350 مليون جنيه إسترليني لدعم الإرهابيين في سورية، ومحاولة تغيير نظام الحكم السياسي في دمشق خلال الحرب على سورية، وأنه مع رفع السرية عن المعلومات تم إثبات أن بريطانيا مولت 13 مشروعاً لدعم المسلحين بقيمة 215 مليون جنيه إسترليني خلال خمس سنوات.
وتتطابق أيضاً مع ما نشره موقع “غراي زون” في تقرير له مؤخراً وأكد في سطوره أن شبكة متصلة بالاستخبارات البريطانية ومجموعة شخصيات أدت أدواراً رئيسية في المكائد والمؤامرات الكبيرة التي تمت حياكتها حول الهجمات الكيميائية المزعومة في سورية، وإيجاد تغطية إعلامية عالمية لهذه الفبركات سعياً وراء هدف واحد وواضح وهو حشد الدعم الغربي للتدخل في سورية وزعزعة استقرارها، وتتوالى فضائح الإعلام الغربي التي تدعي الشفافية والصدق والحقيقة