افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير-علي نصر الله:
ملفان يَتقدم العمل بهما على نَحو يُسقط رهانات مُمتدة، دولية وإقليمية، هما في طريقهما للإقفال على نتائج بَيّنة إن لم يَعترف بها العدو علناً، فهي ماثلة تَحفر عميقاً في وَعيه ويَتجاوز فعلها ربما مرحلة الكَي الذي لا يُحرق أعصابه فقط، بل يَضعه بمُواجهة أوهامه مباشرة وأمام خيارات صعبة يَخشاها.
من بعد إسقاط الإرهاب التكفيري ودَحر تنظيماته الصهيوأميركية، ومن بعد الرد برسائل حازمة على الاعتداءات المباشرة، ومن بعد إحباط حملات الكذب والنفاق والتزوير، يَجري بهذه الأثناء وعلى عدة جبهات تَطويق الإرهاب الاقتصادي وإبطال مَفاعيله التي إذا كُنا لا نُنكر أثرها، إلا أنّ خيارات إسقاطها والتغلب عليها مَوجودة، قائمة، نَمتلكها، نُمسك بها، ونَرسم بعبقرية دَحرجتها باتجاه المحور الصهيو – أطلسي مسارات لا بُد أن تُجبر أطرافه على تَعلم درس جديد يُلزمها بالتراجع خطوات إلى الخلف، وقَسرياً يُرغمها على إعادة التفكير بخياراتها لتُجري مُراجعة إلزامية قاسية لحساباتها.
درعا البلد، يَتم إقفال ملفها، أولاً لأن القرار السوري باستعادة الأمن والاستقرار في المحافظة والمنطقة الجنوبية، وببسط السيادة وإعادة المُهجرين لها والشروع بإعادة إعمارها، هو قرارٌ حاسم حازم نهائي، إذا كان بدوافع وَطنية نبيلة اتسم بالمُرونة حيناً، إلا أنه القرار الذي بَقي دائماً، ثابتاً استراتيجياً، لا يَقبل المُراجعة تحت أيّ عنوان، ولا التعديل مهما بَلغت الضغوط والتهديدات التي ثبتَ بالدليل القاطع أن لا قيمة لها لدى من تَمكن من إجهاض وتَفتيت المشاريع الكبرى التي كانت تَستهدف المنطقة برمتها وليس سورية فقط.
درعا البلد، يَجري إقفال ملفها، ثانياً ليُدرك الواهمون هشاشة رهاناتهم، وليَفهَمَ كثيرون حقيقة أن كل ما يُبنى على هذه الرهانات إنما هو سراب، وأنّ كل ما يُقال هو هُراء، وليَثبت أخيراً ربما للكثيرين أنهم أُميون هُواة لا يُجيدون القراءة وتَفصلهم مسافات طويلة عن الاحتراف، وقد سقطَ أسيادهم ومُشغلوهم من قبل في حلب والقصير ودير الزور ودوما والقلمون!.
الملفات لا تَنفصل، وإذا كانت سورية مع الأصدقاء والحلفاء قد أغلقت الكثير منها على هزائم مُدوية لمحور العدوان، فإنّ العمل بهذا الاتجاه لم يَتوقف وسيَتواصل بالزخم ذاته وبالإرادة الصلبة نفسها، وإنّ البوصلة التي ضّيّعها آخرون ما زالت على دقتها في سورية التي ما انحرفت مُؤشراتها مرّة عن فلسطين والجولان، وعن مُواجهة ومُقاومة مشاريع الهيمنة والاحتلال، مهما بالغ البعض في الاستسلام والارتماء بأحضان العدو.
اليوم درعا البلد، وغداً أو بعد غد إدلب والمنطقة الشرقية، إذ لا مكان لمُرتزقة أو مُحتلين أو تنظيمات إرهابية في سورية، ولا فُرصة لمرور مشروع أميركي – صهيو – أطلسي من هنا، لطالما كانت سورية تاريخياً القوّة التي تُفشل مشاريع الاحتلال والنهب والهيمنة دفاعاً عن الأمة كل الأمة في مصالحها وقضاياها المَصيرية.
بإقفال ملف الجنوب تَسقط رهانات إقليمية دولية حاولت أميركا والصهاينة إحياءها، ولسقوطها سيكون هناك ارتدادات لن تتمكن الولايات المتحدة من إخفائها أو التخفيف منها، بل ستَعقبها أُخرى ما زالت واشنطن تَعمل واهمة على إحيائها بالشراكة مع نظام اللصوصية الأردوغانية في إدلب والمنطقة الشرقية، ليَبقى الأُفق مَفتوحاً على إغلاق ملف الإرهاب الاقتصادي بتكسير أدواته، وبإبطال سلاح العقوبات والبلطجة الأميركية الأحادية الجانب، وإنّ باجتماع عمان الذي جمع وزراء النفط والطاقة في مصر وسورية والأردن ولبنان عبرة قد لا يَفهمها إلا القلّة ممن أدرك أو لم يُدرك بعد مُوجبات وحيثيات عَقده!.
إنّ كُل يد غريبة آثمة تَمتد في هذه المنطقة وإليها ستُقطع، وإنّ اليد العليا هنا ستَبقى يدُ سورية ومحور المقاومة .. راجعوا الوقائع وما حصل بأثر رَجعي يَسبق أيار 2000، ودَعونا نُدقق بالهُراء الذي تَحدث عن مَخاض ولادة شرق أوسط جديد شَعرت به آنذاك كونداليزا رايس، وربما اكتشفت لاحقاً مع آخرين أنه كان حَملاً كاذباً.