الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
يتسع طيف الثقافة لديه، حتى لنعجب العجب كله من اتساع هذا الطيف وعمقه وقدرة صاحبه على توظيفه في خدمة فنياته عموماً، وخدمة قراءة الواقع، قراءة تبهر المتلقي.
المبدع ممدوح عدوان امتلك القدرة على التوظيف والعمق في فهم التراث والواقع معاً، وليس استحضاره للتراث وتوظيفه في إبداعاته مقتصراً على الإبداع المسرحي فقط بل على إبداعه الشعري أيضاً.
د. غسان غنيم: ينهل من التراث العربي..
وفي الندوة التي حملت عنوان” المبدع ممدوح عدوان” التي دعا إليها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب وأدارها الأديب صبحي سعيد، توقف د. غنيم عند أهمية مسرح عدوان وكيف أمعن في الحفر في التراث العربي، شعراً وتاريخاً وشخصيات ومواقف وأحداثاً، يتطلع في ذلك إلى واقع الأمة ومستقبلها، ولم يوفر الواقع الراهن.
وأضاف: إن عدوان استخدم في تعامله مع التراث تقنية الإبعاد الزماني والمكاني، التي تقوم على خلق واقع فني مسرحي بديل للواقع الراهن، ويعالج من خلاله قضايا المجتمع ومشكلاته بحرية أكبر، كما اعتمد في مسرحه على الإبعاد المحدد وهذا يعني عدم التزامه بالأحداث التاريخية بشكلها الوثائقي.
وقد امتاز ممدوح عدوان بالجرأة في تناول موضوعاته، وكان يرى التاريخ من وجهة نظر جديدة، فهو ليس مؤرخاً، بل أديباً يحلل القضايا التي تدور في عصره عبر عملية إبعاد محدد يسقط من خلالها الماضي على الحاضر، واستطاع أن يجمع بين الثقافة والمعرفة من أركانها وعلى امتدادها في الماضي والحاضر، في الوطن وفي العالم..
الإعلامي ديب علي حسن: شخصية متناقضة
في عودته لأرشيف جريدة الثورة عثر ديب حسن أمين تحرير الشؤون الثقافية في جريدة الثورة، على ملف كبير لممدوح عدوان يقع في مغلفين، فيه أكثر من مئتي وثيقة، ووجد أن ممدوح عدوان قد قرأ التاريخ قراءة جديدة، وعندما كتب الزير سالم قال” أنا أردت أن أفكك هذه الأسطورة، وأنزعها لأعيدها إلى طبيعتها من خلال الحياة الاجتماعية والأدبية والثقافية وأن أضع الزير في حجمه الطبيعي وصورته الحقيقية.
وبين بدوره أن الكاتب والشاعر والمبدع والمترجم ممدوح عدوان يحظى أرشيفه بعناوين مهمة وحوارات أجريت معه قبل مرضه بفترة طويلة وخلاله، وهذه العناوين يمكن أن تعطينا مفاتيح لقراءة التاريخ الجديد الذي تحدث عنه عدوان، وينطبق عليه المنهج ذاته.
وكان لافتاً أن الزميل ديب قد أعلن أنه لا يحب الشاعر كشخص أبداً إنما هو معجب بإبداعه وسوف يتحدث عنه بحب.
وأضاف أن ممدوح عدوان لا يمكن أن يكون إلا هكذا، بمعنى آخر كتلة من المتناقضات التي شكلت شخصيته التي قد تعجب هذا ولا تعجب الآخر، وهو ممدوح عدوان يعلن أيضاً مثلاً أنه لا يحب أدونيس وليس معجباً به.
ورأى حسن أن علينا أن نفكك شخصية عدوان من خلال منهجه هو الذي استخدمه في تفكيك شخصية الزير سالم وذلك بالعمل على تتبع ملامح الشخصية وتاريخها، ليس من خلال ما نعرف، بل بالبحث عما وراء الأكمة وهذا منهج في قراءة التاريخ، عمل وفقه عدوان في الزير سالم، فلماذا لا نقرأ شخصية ممدوح من خلاله أيضاً؟
د. نزار بريك هنيدي: يقول الحقيقة كلها
وفي حديثه يبحر د. نزار بريك هنيدي في عالم ممدوح عدوان الشعري، ويقف عند قناعاته ومفهومه للشعر، الذي كان يرى فيه وظيفة واحدة هي الدفاع عن إنسانية الإنسان في هذا العالم، وأن الشاعر الحقيقي هو الذي يغوص إلى القرار ليصبح هو الجذر الحقيقي للإنسان، وليصل إلى المكان الذي يستطيع منه رؤية كل شيء.
وأضاف: كان يعبر عن تلك المفاهيم في قصائده ومنها” مقتل المغني الرديء” حيث يقدم صورة للشاعر المغني الذي يتخلى عن دوره الرئيس في قول الحقيقة وفي الدفاع عن الجوهر الإنساني الأصيل يقول:
وقفت ولا شك في الموت حيث وقفت
وحلقت في خفقة، حيث طار الجشع، خلعت فأكمل، ستخلع أستار عوراتك الألف
تخلع أنغامك الطيعات، وتخلع ما سوف يملي عليك الطمع، ستخلع حتى يقولوا كفى.
وبين بدوره أن أبلغ تعبير عن الانحياز إلى الحياة، يكمن في تمجيد الطفولة، وعيش عالمها، وتبني صفاء نظرتها ودهشتها وبراءة أسئلتها، وصفاء علاقاتها مع أشياء الوجود، وظهر ذلك في قصائده التي أدرجها تحت عنوان” محاولات للاقتراب من الطفولة” وفي مجموعته” وهذا أنا أيضاً” ..