اللغة العربية بين فكي الإهمال والتهاون

 

الثورة أون لاين – فاتن دعبول:

لأنها من أجلّ الاختراعات التي أبدعها الإنسان لخلق تواصل بين أفراد المجموعات البشرية، احتلت اللغة مكانتها المرموقة في المجتمعات، وتبوأت وظائفها الأدبية والشعرية والجمالية المنابر والصالات، واستطاعت أن تحمل لواء الحضارة وتنقل تراث الأجداد عبر العصور متجاوزة حدود الزمن، ولا تزال شامخة، متينة، صامدة في وجه نكبات الدهر، تحطم كل ما حاق بها من مؤامرات تريد لها الضياع أو الهوان.
ولكن هذه اللغة الشريفة، ما هو مستقبلها وما هي التحيات التي تواجه مسيرة تطورها، هذه الأسئلة وغيرها كانت محور الندوة التي أقامتها لجنة التمكين للغة العربية في اتحاد الكتاب العرب، تحت عنوان” اللغة العربية والتحديات الراهنة” أدار الندوة د. جابر سلمان عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، رئيس لجنة التمكين للغة العربي في الاتحاد.
د. غسان غنيم: اللغة وطن وحياة الأمة
يقف د. غسان غنيم عند أهم أسباب تراجع اللغة العربية، ويجمل ذلك في عوامل من أهمها، عدم استخدام اللغة العربية الفصحى في العملية التدريسية وتغليب عليها اللغة العامية، كما أن كثيراً من مناهج التعليم العربية ابتعدت عن الثقافة العربية المشتركة، وباتت تروج لثقافة قطرية ضيقة، ما أدى إلى ظهور مصطلحات من مثل” سعودة، تونسة، أردنة، جزأرة..” ما أدى إلى ابتعاد الناس عن لغتهم الأم.
وأضاف: أنه ربما للعولمة وصناعها يد في تفتيت اللغة العربية وبنيتها، لإدراكهم أنها من أهم العوامل التي تجمع أبناء الأمة العربية وتوحدهم، لذلك كانت هدفاً لسهامهم المسمومة لضرب الرابط الأقوى الذي يجمع العرب.
وعلى الجانب الآخر يسهم المتعصبون للغة العربية في تحنيطها، رغم أنها كائن متجدد، يتجدد بتجدد أبنائها وتأثرهم بالمستجدات والمعطيات الحضارية، وأسباب كثيرة ساهمت في هجرة الأبناء للغتهم الأم.
ويتوصل غنيم بدوره إلى اقتراحات تعيد للغة العربية مجدها وحضورها وأهم هذه الاقتراحات إلزام المدارس الخاصة والحكومية والجامعات التدريس باللغة العربية، والعناية بالترجمة العلمية والتقنية والأدبية، ومحاولة تسهيل تعلم العربية لغير الناطقين بها، مع الحث على تعلم اللغات الأخرى.
ليختم بالقول إن اللغة وطن وهي حياة الأمة بخصائصها القومية، وتشكل في الآن نفسه حصننا الذي لا يزال قادراً على حماية انتمائنا، والواجب يحتم علينا المحافظة عليها وتنميتها وتشجيع أهل اللغة على القراءة والتزود بتراث الأمة وآدابها وعلومها.
د. أحمد علي محمد: نحتاج وعياً لغوياً
ويبين د. أحمد علي محمد أن اللغة العربية تتمتع بسمتين اثنتين، الأولى أنها من أقدم اللغات الحية، والسمة الثانية أنها لغة اشتقاقية توليدية بامتياز تعتمد على الجذر والوزن، وهذه السمة ساعدت اللغة على الاستجابة السريعة للمعالجة الحاسوبية في الزمن الحاضر، فهي لغة طبيعية رياضية جبرية قابلة للرقمنة والحوسبة على حد تعبير العالم الجزائري بشير حليمي.
وأضاف: ولكن رغم ذلك تعاني اللغة العربية في ضوء التحول الرقمي للمعرفة المعاصرة من مشكلات جمة، أخطرها الفجوة الرقمية التي تقصي العربية إقصاء شبه كامل عن المشاركة في الناتج المعرفي للحضارة الجديدة، لذلك من الواجب إنقاذها من عزلتها المعرفية، وخصوصاً أنها تعاني من مشكلات عديدة، فهي تفتقر إلى وسائل تكنولوجية يمكن أن يثبت فاعليتها في العالم الرقمي لو توافرت العزيمة لذلك، وهذا يتطلب بالطبع تضافر جهود تبذلها مؤسسات ضخمة وفي غير بلد عربي.
ورغم أن اللغة العربية الرابعة في العالم من حيث الاستعمال في الإنترنت، والخامسة من حيث متكلميها، والسادسة في منظمات الأمم المتحدة، لكن هذا لا يكفي، بل نحتاج إلى وعي لغوي يحفزنا على استعمال اللغة الفصحى الميسرة، والتوسع في نشر الأبحاث العلمية واللسانيات المعرفية وغيرها من العلوم، لأن ما نكتبه يشكل الحصن اللغوي الذي نريد نقله إلى الأجيال القادمة، وهذه الأجيال ستتلقى اللغة مستقبلاً بالتقنية الرقمية، هي مسؤوليتنا الحضارية إزاء اللغة العربية في يومها العالمي الذي يصادف الثامن عشر من كانون الأول في كل عام.
د. محمد موعد: ضرورة الإصغاء للغة السليمة
وفي تساؤله يطرح د. محمد موعد قضية شائكة بقوله: هل ما يسمعه أطفالنا يعينهم على استعمال اللغة استعمالاً سليماً؟ ليجيب إن الأطفال في بيئتنا لا يكادون يسمعون الفصحى إلا لماماً، فالطفل يسمع العامية من والديه ومحيطه، فيحاكي ما يسمعه، وهذه العامية التي يسمعها لا تعينه على البناء اللغوي السليم والصحيح، لأنها لا تقوم على ضوابط وقواعد ومعايير، ولا تصلح في مجال الفكر والعلم والحضارة، بل ربما تصلح فقط للتفاهم بين الناس، ولا ترقى بهم في مدارج العلم والفكر.

ويضيف: لا يختلف اثنان أن نشر لغة صحيحة وسليمة يقتضي أن يكون لها خصائص مشتركة بين العرب، وأن يكون هناك عمل دؤوب يبذله الجميع في سبيل نشر هذه اللغة، ومن هذه الخصائص أن تكون في العقل الجمعي للأمة، وأن تصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وأن يستطيع أي عربي في عصرنا أن يفهمها إن سمعها، لغة تصلح للتواصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه وشماله وجنوبه.

ويبين بدوره دور الإعلام في نشر اللغة العربية وخصوصاً عندما تكون من همومه الأولى، بناء اللغة الصحيحة عند الأجيال، وتبصير الناس بمدى قيمة اللغة في حياتهم، عن طريق خطط مدروسة يشرف عليها كبار المربين والمفكرين والإعلاميين واللغويين.
ويؤكد د. موعد أن النشأة اللغوية القويمة والسليمة تعني أن هذا المرء في مخزونه اللغوي مئات آلاف من المفردات والتراكيب التي تكون مطواعاً له في استعمال اللغة الاستعمال الصحيح، وتنجده في التعبير عن كل أنواع الآداب والفنون والفكر والعلوم.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة