الثورة أون ﻻين – آنا عزيز الخضر:
استطاع المبدع السوري أن يستثمر عوالم المونودراما بشكل مسرحي خﻻق، له حضوره وتاريخه وجمهوره.. ومن تلك العروض كان (منزل على الجبهة) القادم من دير الزور، والذي عرض على صالة مسرح القباني بدمشق
العرض من إعداد وتمثيل (علاء العبيد)، وإخراح (شوكت الكبيسي)، وكعادة المسرح السوري في الالتزام برسالته ودوره تجاه الواقع والمجتمع، كان العرض المونودرامي وقد ساند العرض بنية الشخصية المحاصرة التي حملت أحداثه وتفاصيله بأكملها، ناقلة الكثير من الحاﻻت والقصص المعاشه من خﻻل مونولوج حزين، ينساب بتلقائية، تروي لنا مأساة الحرب، التي عاشها الإنسان السوري، فهاهي الشخصية، وهي تلعب طاولة الزهر، تتخيل أمامها جميع من فقدتهم، وتنتقل من حزن لآخر، تروي الفقد، الذي عاشته من الأم التي سافرت، الخطيبة التي تركته، الأصدقاء الذين أغراهم وهم الهجرة والعيش الرغيد، وهو المحاصر والمحروم والخاسر لكل شيء، وقد راوده التفكير بالهرب، ثم تراجع. كان العرض المونودرامي يصور سياق أحداث واقعيه، يعرفها السوريون عن قرب، ويعرفون تفاصيلها والمعاناة، التي عاشوا في خضمها، مثقليين بالأوجاع والجراح، ممانعيين ومقاوميين رغم كل شيء، حيث صور العرض الواقع السوري، مثلما هو.. رغم الوجع هناك إرادة صلبة، تنتصر للانتماء، الذي كان الجواب الوحيد، رغم المأساة ومحاوﻻت الهجرة، إﻻ أن حب الوطن, كان أقوى من كل شيء، وقد وفق بطل العرض في تجسيد العوالم المختلفه والشخصيات المتعددة والمشاعر المتتاقضة، بين الضعف والقوة، بين الحزن والتحدي، بين الانكسار والانتصار محتمياً بالانتماء، وغيرها الكثير من الحاﻻت، حيث أصر العرض على الإلمام بأكثرها أهمية وتعبيراً عن الحقائق.