بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
جميل أن يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش”، خلال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة أعمال دورتها السادسة والسبعين، عن ضرورة وقف الحروب في العالم، لكن كان الأجمل من ذلك لو كانت منظمته الدولية قادرة على وقف تلك الحروب، أو أضعف الإيمان المساهمة بلجم مشعليها، أو حتى إدانتهم على غزو الشعوب وتدمير البشرية بحروب عبثية لا تخدم سوى مصالح أصحاب الرؤوس الحامية في واشنطن وتجار السلاح ومالكي شركاته الجشعة.
جميل أن يعرج غويتريش على أمر مهم وضروري يشغل بال البشرية، وهو وباء “كورونا”، وأن يقول بأن الوقت قد حان للتركيز على محاربة هذا العدو المشترك لها، لكن كان من الأجمل لو أنه قدم للعالم معلومة أو وثيقة تشرح دور منظمته في حصار الوباء وإنقاذ الإنسانية من شروره، أو على الأقل أن يشرح تقصيرها في ذلك، كان عليه أن يشرح حقيقة السطوة الأميركية على آلية عمل منظمة الصحة الدولية بدل التغني بالشعارات والكلام المنمق عن ضرورة مكافحة الوباء وعبارات مثل “حان الوقت للتركيز على محاربته” والتي يستطيع أن يرددها أي أستاذ في أي مدرسة ابتدائية في أقصى مدارس ماليزيا أو جنوب إفريقيا أو في غرب المعمورة دون أن تكلفه أي عناء أو تعب أو حتى أدنى درجات المسؤولية.
جميل أن يسهب غوتيريش بالحديث عن ضمان اللقاحات والعلاج والخدمات الأساسية لجميع البشر، بما في ذلك الرعاية الصحية والتغذية والمياه والتعليم والحماية والمساواة الكاملة، لكن كان من الأجمل لو أنه تحدث عن العقوبات الأميركية على السوريين والكوبيين وعشرات الشعوب الأخرى التي تمنع وصول الدواء والغذاء إليهم في ذروة التصدي العالمي لتلك الجائحة الملعونة.
جميل أن يتحدث الأمين العام للمنظمة الدولية عن القرصنة والفقر والمجاعة والبطالة والنزاعات المسلحة، وعن المخاطر التي يتعرض لها الأمن العالمي، وعن المناخ ومشاكله وكوارثه التي أحدثتها الدول الصناعية، وعن تعميق الفقر والإقصاء وعدم المساواة، وعن الانقسامات بين الأغنياء والفقراء.. بين أولئك الذين يأخذون الخدمات الأساسية كأمر مسلم به وأولئك الذين تظل هذه الأساسيات حلماً بعيد المنال.. بين أولئك الذين لديهم مقعد في الفصل الدراسي والمهارات اللازمة لبناء مستقبل أفضل وأولئك الذين حرموا هذه الفرصة بسبب الفقر أو جنسهم، -كما تحدث حرفياً- لكن كان عليه أن يشير بأصبعه إلى أولئك الذين ينهبون الشعوب ويسرقون ثرواتهم ويحرمونهم من أبسط أساسيات الحياة التي تمنع عن أولادهم التعليم والغذاء والحياة.
جميل أن يتحدث غوتيريش عن مواجهة الإرهاب، لكن كان عليه أن يسأل نفسه قبل ذلك لماذا لم تجبر منظمته الأممية أميركا على التوقف عن دعم “داعش” والقاعدة والنصرة في سورية وعن عشرات التنظيمات المتطرفة في طول العالم وعرضه؟ وكان عليه قبل قراءة هذا الخطاب الرنان، الذي سرعان ما ذاب أمام النهم الأميركي لنشر الإرهاب في طول العالم وعرضه، أن يدعو واشنطن إلى الكف عن ممارسة سياساتها الإرهابية ضد الأبرياء، والكف عن دعمها للإرهاب ونشرها الفوضى الهدامة.. كان عليه أن يقول الكثير الذي غاب عن مفردات خطابه الرنان!!.