الثورة أون لاين – تحقيق – سهى درويش:
ظاهرة التسرب المدرسي التي تستهدف بناء مستقبل جيد للعديد من أبناء الوطن المنقطعين عن التعلم عبر منعكساتها السلبية على النواحي الجسدية والنفسية والأخلاقية والعلمية لهم، وهذه الظاهرة القديمة مستمرة بفعل ما خلفته الحرب الإرهابية من دمار في البنى التحتية والمنظومة التعليمية، إضافة لعوامل مادية ونفسية ساهمت في عدم وأدها.
*العديد من القرارت..
فوزارة التربية عملت للقضاء على هذه الظاهرة ومعالجة أسبابها وإيجاد الآليات والأطر المناسبة لاستيعاب التلاميذ المتسربين وإعادتهم إلى مقاعد الدراسة عبر العديد من القرارات، وإعداد مناهج وشعب الفئة «ب» للتلاميذ المنقطعين أو المتسربين من عمر ٨ إلى ١٥ سنة و تدريسهم المنهاج بشكل مكثف، وإجراء دورات مكثفة للطلاب المنقطعين عن الدراسة وغيرها من الإجراءات التي تساعد على الحد من هذه الظاهرة وتطبيق القانون رقم/ ٧ / لمتابعة التلاميذ المتسربين من عمر ٦ إلى ١٥ سنة.
• الواقع المعيشي المتهم الأول..
صحيفة الثورة رصدت هذه الظاهرة في حلب، حيث توقفنا مع العديد من الأطفال الذين هم في أعمار صغيرة يبيعون أشياء بسيطة ومنهم من يعمل على بسطة أو داخل متجر للاستفسار عن أسباب عدم تواجدهم في المدرسة، حيث قال “أحمد” إن والده توفي وهو أكبر إخوته وهو يعمل ليعيل والدته التي تعمل لتطعمهم وإخوته الثلاثة، والمدرسة تحتاج لتكاليف ومصاريف لا تستطيع والدته تأمين أبسطها.
أما “ظافر” فهو لا يحب المدرسة ويفضل أن يعمل ويتعلم مهنة على أن يدرس، فوالده غير مقتدر وموظف بسيط وهو يريد أن يحصل على المال ليساعد إخوته في تأمين مستلزمات معيشتهم.
• تشخيص الواقع..
الدكتور “أحمد بحري” رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة حلب رأى أن ظاهرة التسرب الدراسي من الظواهر السلبية التي تؤثر في تقدم المجتمع وتطوره وتقف عائقاً في وجه عملية التنمية وتساهم في تفشي العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وأولت الكثير من الحكومات هذه المشكلة اهتماماً خاصاً من أجل دراسة هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً ليس على المتسربين فقط بل على المجتمع ككل وبالنسبة لنا فإن هذه الظاهرة تشكل خطراً كبير على مستقبل بلدنا بعد الانتصار النهائي على الإرهاب وداعميه.
وبيّن الدكتور “بحري” أن التسرب الدراسي في الأدبيات النظرية لعلم الاجتماع هو الامتناع والرفض والعزوف عن الدراسة في وقت ما زال فيه التلميذ يحق له متابعة تعليمه لأسباب ذاتية تتعلق بالتلميذ أو موضوعية تتعلق بالمؤسسة التربوية.
وعن أسباب الظاهرة أعادها الدكتور “بحري” إلى أسباب ذاتية لشعور الطالب بعدم قدرته على الفهم أو شعوره بأنه أكبر سناً من زملائه أو أمية والديه ومشكلاته الأسرية التي منها خروجه للعمل لمساعدة الأهل في سن صغيرة أو تعليمه حرفة ما أو الوعي الأسري والموقف من التعليم مثل الزواج المبكر أو طغيان المثل الدارج (العلم لا يطعم خبزاً).
وأسباب موضوعية ومنها كثافة المناهج و زيادة المواد المقررة وصعوبتها وعدم ارتباط المنهج ببيئة الطالب وعدم تلبية احتياجات الطلاب ومراعاة ميولهم الشخصية وعدم استعمال الوسائل التعليمية الجاذبة و خاصة في المدارس الحكومية وسيادة طريقة التلقين و الحفظ والاعتماد على طرق تدريس مملة لا تجذب الطلاب، إضافة لقلة خبرة بعض المعلمين وعدم مراعاتهم الفروق الفردية بين الطلاب أو عدم قدرة بعضهم على فهم مشاكل الطلاب التعليمية والتعامل معها بطريقة صحيحة أو استعمال الشدة على الطلاب ، إلى جانب ضعف دور المرشد الاجتماعي وعدم متابعته الدقيقة و القصور في العمل الإرشادي والتوجيه و ضعف إعداد وتأهيل بعض المرشدين ، وبعد المدرسة عن مكان إقامة التلميذ او قلة المدارس في منطقة سكن التلميذ ويمكن أن نلحظ التناقض بين المدرسة والأسرة وفتور العلاقة بين المدرسة ومحيطها وعدم اتاحتها للطلاب التدرب على الاستقلال الذاتي وبناء الهوية الذاتية وصعوبة الامتحانات التي ينتج عنه الرسوب المتكرر للتلميذ وبالتالي ترك المدرسة.
• حلول ومقترحات..
رأى الدكتور “بحري” ضرورة تفعيل مجلس أولياء الأمور والاعتماد على معايير الكفاءة لتقيم درجات التلاميذ و تشجيع الطلاب المتدنية مستوياتهم ومساعدة الطلاب الذين يعانون من ضعف التحصيل العلمي وبث برامج توعية بأهمية التعليم و تفعيل منظومة الاعلام التربوي ووضع خطة مدرسية للمهارات الإضافية التي يحتاجها التلاميذ ، و إقامة الندوات والمحاضرات التثقيفية لأولياء أمور التلاميذ إضافة الى نشاطات مشتركة مع أسر التلاميذ.
• تربية حلب تتجاهل ..
أمام ما نعلمه عن هذه الظاهرة بأسبابها ونتائجها فإن الانتهاء منها ليس بالمستحيل ،بخطوات مدروسة وعمل أكثر جدّية بتكاتف جهود الجميع، وقد تواصلنا مع المكتب الصحفي في مديرية التربية بحلب، ولم يتم تزويدنا بمعلومات عن هذه الظاهرة، وإجراءات المديرية المتخذة، وهذا ما أقل
قنا ليس لجهة تجاهل طلبنا ،ولكن خشية أن تكون هذه الظاهرة لا تعنيهم كثيراً، أو يتم تجاهلها كطلبنا.