الثورة أون لاين – د. مازن سليم خضور:
الرياضة بمختلف ألعابها هي للنفوس أولاً وتهذيب للجسد والعقل وترويض للنفس، لا سيما في الرياضة الشعبية الأولى في العالم كرة القدم لكن التعصب الحاصل أفقد هذه الرياضة بعضاً من جمالياتها بسبب مجموعة من العوامل سنتحدث عنها في هذا المقال ضمن سلسلة “الحرب الأخرى”.
إن الجماهير باختصار هي ملح الرياضة لا سيما الألعاب الجماهيرية ككرة القدم وكرة السلة ولولاها لما تربعت هذه الرياضات على العرش.
مع بداية الموسم الكروي الجديد ضمن الروزنامة الرياضية السورية هناك جملة من المواضيع التي يجب التطرق لها لا سيما في ظل زحمة الأحداث الرياضية الحاصلة عالمياً وبداية الدوريات الأوروبية ودوري الأبطال في القارات والتصفيات المؤهلة لقطر ٢٠٢٢.
مع بداية الموسم الكروي السوري من خلال بطولة الدوري كان ملاحظاً أن نكهة وجمال هذا الدوري ليس الأداء العالي والملاعب المجهزة والبنى التحتية للمنشآت الرياضية وغيرها من العوامل بل كان هناك فاكهة واحدة وهي الجمهور، هذا الجمهور الذي يحضر المباريات ويشكل لوحات تغنت به الصحافة العربية والعالمية سابقاً نظراً لحضوره المميز واللوحات الذي قدمها على المدرجات والكثافة العالية رغم الوضع الراهن والإجراءات المتخذة للحد من انتشار فايروس كورونا إلا أنه ملأ الملاعب والصالات الرياضية.
وبالرغم من كل المظاهر الجميلة إلا أن هناك مجموعة من الملاحظات التي ظهرت أيضاً أولى هذه الظواهر هي حالات التعصب والعنف الظاهرة والمتنامية ضمن الرياضة السورية سواء ضمن الملاعب أو حتى على المدرجات بل وحتى بعد الانتهاء من المباريات والاعتداء على الكوادر الفنية والتحكيمية واللاعبين من جهة والاعتداء على جمهور الفريق الخصم والممتلكات العامة والخاصة في ظاهرة متنامية وبقوة لا سيما أن هذه الظواهر كانت مألوفة في البطولات الأوروبية وخاصة (الإنكليزية) وكذلك البطولات والدوريات الأميركية وبالتحديد في أميركا اللاتينية.
المعروف أن ظاهرة التعصب أو شغب الملاعب كانت قد ظهرت للمرة الأولى في المملكة المتحدة /بريطانيا/ وذلك في القرن الثالث عشر الميلادي، وسميت بـ(المرض البريطاني) ومنها انتقلت العدوى إلى باقي الدول في أرجاء العالم حيث أدت هذه الظاهرة إلى حدوث خسائر كبيرة في الأرواح، والأملاك العامة والخاصة، حتى أنها كانت سبباً في اشتعال الحروب والخصومات بين الدول كحرب المئة ساعة التي وقعت بين الهندوراس والسلفادور، وكل هذا نتج عن غضب الجماهير التي رفضت الواقع الذي يقول بخروج فريقهم من التصفيات النهائية لكأس العالم خاسراً.
وللتعصب الرياضي أسباب كثيرة، منها غياب الروح الرياضية وتقبل الخسارة وبالتالي عدم تقبل الرأي الآخر والتصاريح الاستفزازية والتصرفات التي تسيء إلى رابطة الجماهير في الأندية الثانية من قبل بعض المنصات الرياضية التي تكون منابراً لنشر الكراهية ضد الفرق الأخرى وكذلك وجود صراعات تنظيمية داخل الأندية، ونقص الثقافة الرياضية بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأسباب منها التوتر والضغط الذي يعيشه الأفراد وتنفيس ذلك من خلال الرياضة بشكل خاطئ سواء في الملعب أو على المدرجات أو من خلال المنصات الرياضية وهناك أسباب منها تربوية، كتأثر الطفل بآراء من يربيه والآراء المجتمعية أو ما يسمى بالانصياع المجتمعي.
لا تكاد تخلو مباراة في الدوري السوري أو مباريات الكأس من شغب الجماهير من جهة في المباريات التي سمح لها – الجماهير- بدخول الملاعب أو من شغب الكوادر الفنية والتدريبية من جهة ثانية أو فوضى المنظمين لدخول الملاعب.
وهنا عينة من عناوين الصحف والمواقع التي تناولت بعض أحداث الشغب وليس كلها (وهذا من المواسم السابقة):
– الاعتداء على حافلة نادي الاتحاد في العاصمة دمشق بعد مباراتهم مع نادي حرجلة.
– طرطوس: اشتباكات بين جمهور جبلة وجمهور الساحل استخدم فيها أصابع الديناميت والمفرقعات ورمي الحجارة.
– لاعب يضرب حكماً في الدوري السوري ويتابع لضرب آخرين قبل إيقافه حيث قام أحد لاعبي نادي النبك ضمن دوري الدرجة الأولى للرجال خلال مباراته مع نادي المعضمية بضرب حكم الساحة بعد إشهاره البطاقة الصفراء بوجهه.
– بركلة كاراتيه هوائية.. شخص يعتدي على أحد حكام الدوري السوري ورئيس نادي جبلة يوضح الموقف حيث اعتدى شخص (ما زالت هويته مجهولة) باعتداء على حكم مباراة فريقي جبلة والحرجلة ضمن الجولة العاشرة من الدوري السوري الممتاز لكرة القدم.
– ملاكمة واشتباك في الملعب… مشاجرة بين لاعبي فريقي كرة قدم سوريين حيث وثقت كاميرا أحد الحضور في مباراة فريقي حطين والطليعة في دوري كرة القدم السوري لفئة الشباب وقوع مشاجرة جماعية بين لاعبي الفريقين وتلاكم وضرب بالأيدي.
وللحد من هذه الظواهر هناك بعض المقترحات التي تحد من هذه الظاهرة منها:
تنمية الروح الرياضية للاعبين والجماهير من خلال حملات التوعية لخلق آليات تنزع فتيل الشغب، ولاسيما زيادة الوعي من خلال مجموعات وروابط المشجعين وبنفس الوقت إعطائهم الدور الرقابي لهم أيضاً وزيادة الدوري الأسري والتعليمي والثقافي في التوعية عن مخاطر الشغب الجماهيري.
تجهيز قوات أمن لحفظ النظام مختصة في هذا المجال ” أمن الملاعب”، وخصوصاً في بعض المباريات التي تعرف توتّراً في الأجواء بشكل دائم (مباريات الديربي والكلاسيكو) والضرب بكل ما يلزم من صرامة وحزم على أيدي مثيري هذا الشغب.
الرد بشكلٍ أسرع على أيّ شكلٍ من أشكال الشغب الجماهيري داخل الملاعب من خلال الاتحادات المختصة والابتعاد عن البيروقراطية المعتمدة من جهة وعن ازدواجية المناصب من جهة ثانية فمن غير المقبول أن يكون الحكم خصم بنفس الوقت وفرض العقوبة الأكبر على المخطئ سواء كحكم أو لاعب أو إداري أو مشجع.
نحن كجمهور ندعو لسمو الأخلاق دائما، ونهج السلوك السليم حتى لا ينشأ جيل مشحون بالتعصب ولا يتمتع بالروح الرياضية ومعالجة ذلك من خلال نشر الوعي الكافي والابتعاد عن السلوكيات التي لا تنتمي إلى نبذ التعصب وتعويم فكرة أن الرياضة هي وسيلة للسعادة وليست لزراعة الأحقاد بين الناس.