الاختصاص حاصل التقدم والتطور في مسيرة البشرية، مبدأ لا يمكن مناقشته لأنه واقع عاشه الإنسان بعدما اكتشفه، وراحت الدول التي تتميز بالاختصاص تحظى بمكانة رفيعة وتتقدم على غيرها في كافة المجالات.
تطور الاختصاص عبر العصور ليشمل كافة مناحي الحياة، وكان لأوروبا قصب السبق حتى وصلنا لعصرنا الحالي، وصار الاختصاص حاجة ملحة في كل ميدان، ومنها الميدان الكروي، فعندما تشاهد على الشاشة مبارزة بين عملاقين من أبطال الدوري الأوروبي، قد لا تدرك حجم المختصين الذين قدموا لك هذه المشاهدة، من لاعب محترف يعرف أين موقعه تماماً في الملعب، ومدرب محترف يعرف أين مكان كل لاعب وزمانه، وإداري خبير بمهنته، عريق فيها، يفهم آلية النادي، وأذنه مدربة على إيقاع الدوري والكأس والبطولات بأنواعها، مروراً بالطاقم الفني الذي يعرف كيف يتم التعامل مع جميع أذواق الأشخاص ونفسياتهم دون إثارة مشاكل، وصولاً لأدق التفاصيل من معالج فيزيائي محترف بعمله وخبير اجتماعي ونفسي.
حين وجدوا الاختصاص تقدموا وتفوقوا، ولكن أين نحن منه الآن؟ من لا يعرف قياسات الملعب وأبعاده، وكم متراً يبعد هدفنا عن هدف الخصم، ومع هذا يفرض نفسه إدارياً بطريقة ما، ويوجد من هو مدرب عتيق وليس اختصاصياً، يفهم عن التدريب ما يفهمه كلاعب، لم يحدث قاعدة بياناته ولم يطورها، ويوجد لاعب كسول غير مختص، لا يدرك أبعاده الصحيحة في الملعب.
حين وجدوا الاختصاص وجدوا ثروة تبدأ من حيث تنتهي وبالعكس، دائرة متكاملة من المنفعة المشتركة لكل المشاركين فيها، لكننا نركض حول الدائرة ولا ونجد مكاننا الصحيح لأننا لسنا مختصين، ولأن المختص صاحب قضية محددة يدافع عنها، ويعرف أنها جزء من قضيته الرئيسية.
حين وجدوا الاختصاص تطوروا وصارت التمريرة بين اللاعب واللاعب تحسب بالأرقام، ونحن يا أبو زيد كأنك ما غزيت، لم نختص ولم نتطور.
مابين السطور – سومر حنيش