الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
عشية زيارة رئيس النظام التركي رجب أردوغان إلى موسكو، تبدو جعبة أنقرة فارغة من كل شيء إلا من الإرهاب والخداع والكذب، لا سيما لجهة التوقيت الذي يحمل الكثير من الأهمية كون الزيارة تأتي بعد تحرير الجيش العربي السوري مدينة درعا من التنظيمات الإرهابية وطي ملف الجبهة الجنوبية تماماً، في وقت باتت ترنو فيه عين الدولة السورية إلى الجبهة الشمالية لتحريرها من الإرهابيين الذين تدعمهم وتحميهم أنقرة، خصوصاً في ظل الخروقات المتكررة لهم في مناطق خفض التصعيد وبضوء أخضر من أردوغان شخصياً الذي لطالما ادعى أمام الضامنين الروسي والإيراني بالالتزام بمخرجات أستانة وسوتشي.
وبرغم حساسية وخطورة وتشابك الملفات والقضايا المطروحة على الطاولة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي، إلا أن ملف إدلب يتوقع أن يتصدر كل الملفات، لا سيما في وقت يبدو فيه أردوغان في أمس الحاجة إلى من يخرجه من عمق المستنقع الذي أغرق نفسه فيه نتيجة لصوصيته ودعمه للإرهاب وهروبه من كل التزاماته وتعهداته.
الزيارة تعصف بها رياح التوتر والغموض الذي يطبق على المشهد برمته نتيجة مخاضاته الصعبة والعسيرة جداً، خاصة بعد حالة التصدع التي بدأت تضرب أركان منظومة الإرهاب، لا سيما بعد “الانسحاب الهزيمة” للولايات المتحدة من أفغانستان، وهو الانسحاب الذي شكل ضربة قاصمة لكل قوى الاحتلال والعدوان والاستعمار، ناهيك عن كرة الخلافات التي بدأت تتدحرج بين دول الغرب وأميركا.
لكن المؤكد هذه المرة وبحسب المعطيات والتحولات الكثيرة التي لا تزال تضرب المشهد الدولي، أن موسكو لن تسمح لأردوغان بأن تكون زيارته كسابقاتها بروتوكولية ( لتوطيد العلاقات وتعزيز التعاون في مختلف المجالات )، أو ضمن سياق البحث عن مخارج للهروب و إنتاج خيارات وحلول بديلة لكل الملفات والقضايا الشائكة التي تبدأ من الملفات الإستراتيجية بين البلدين، ولا تنتهي بملف مدينة إدلب والجبهة الشمالية بشكل عام.
الموقف الروسي كان ولا يزال واضحاً وحاسماً جداً، لا سيما في كل القضايا التي تخص الشعب السوري وسيادته ووحدة أراضيه، وهذا ما عبرت عنه روسيا مراراً وتكراراً، خصوصاً خلال لقاء القمة الأخير الذي جمع السيد الرئيس بشار الأسد بالرئيس الروسي.
الجعبة التركية وكما أنها تبدو متخمة بالرهانات والطموحات الغارقة في الوهم، إلا أنها تبدو أيضاً متخمة بكثير من الخداع والزيف والكذب، وهذا ما تؤكده كل الاجتماعات واللقاءات السابقة بين الرئيس بوتين ورئيس النظام التركي والتي كان أردوغان يسارع فيها للإعلان عن الالتزام بتعهداته واتفاقاته، فيما الواقع على الأرض كان يثبت عكس ذلك تماماً.
المساحات التي يحاول أردوغان المناورة فيها، باتت محدودة جداً، بل لم تعد موجودة أساساً، والخيارات التي كان يراهن عليها أسقطت وأحرقت جميعها، فقطار التحولات الجارفة لن تنتظر عرباته مهما حاول اللحاق بها، فإما أن يخضع للقواعد والمعادلات المرتسمة على الأرض والتي صاغتها دمشق بدماء وبطولات وتضحيات أبنائها، وإما أن يسحق هو وإرهابيوه تحت أقدام الجيش العربي السوري.