رئيس النظام التركي رجب أردوغان زعم خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الخطوات المشتركة لروسيا وتركيا بشأن الأزمة في سورية “ذات أهمية كبيرة”، وهذا من حيث المبدأ أمر واقع، بحكم أن نظامه شريك أساسي في الحرب الإرهابية على سورية، وداعم رئيسي للتنظيمات الإرهابية، وقواته الغازية تحتل جزءاً من الأرض، فيما روسيا تساند سورية في حربها ضد الإرهاب، وتبذل جهوداً حثيثة لإيجاد حلّ سياسي يحافظ على وحدة وسيادة واستقلال وسلامة أراضيها، ولكنه – أي أردوغان- تجاهل بالمطلق أن مثل تلك الخطوات التي تحدّث عنها تستوجب التزاماً مبرماً وواضحاً إزاء كلّ ما يتم التوافق عليه خلال اللقاءات والاجتماعات الثنائية بهذا الخصوص.
لقاء”سوتشي” الأخير، ورغم أنه انتهى بتصريحات مقتضبة لم تقدم تفاصيل وافية عمّ تمّ التوافق عليه، إلا أنّ الوضع في إدلب كان حاضراً على أجندة اللقاء، وقياساً للرسائل الروسية – السياسية والميدانية- التي استبقت اللقاء، فإنّّ الجانب الروسي لا بدّ وأنه قدم حلولاً موضوعية تساعد النظام التركي على إخراج إرهابييه، وقواته المحتلة من تلك المنطقة بما يحفظ “ماء الوجه”، وأقل تلك الحلول هي تنفيذ مخرجات “أستانا وسوتشي” التي لم يلتزم بها اللص أردوغان حتى الآن، ولو أنه أوفى بتعهداته، لكان الوضع اليوم مختلفاًً، حيث اتفاق “سوتشي” ومخرجات “أستانا” كلها تنصّ على ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب بكلّ أشكاله ومظاهره انطلاقاً من الالتزام بسيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية وتحريرها من الإرهاب، ومن أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي، فعن أي “خطوات مشتركة” يتحدث، وهو ما زال يمارس سياسة الاحتلال والعدوان ودعم الإرهاب؟.
الاجتماعات الروسية مع الجانب التركي، لطالما أكدت من خلالها موسكو معارضتها لأن تكون إدلب بؤرة، أو محمية طبيعية للإرهاب، ومن الطبيعي ألا تخرج مثل تلك الاجتماعات واللقاءات بنتائج ترضي نهم أردوغان وغريزته المشبعة بنوازع الإرهاب والأطماع التوسعية، خاصة أن روسيا وهي طرف ضامن إلى جانب إيران بموجب مسار “أستانا” لم تحد يوماً عن موقفها الواضح والصريح بضرورة اجتثاث الإرهاب، وإعادة بسط الدولة السورية سيطرتها على كامل أراضيها، وهي سبق وأن خبرت كثيراً نفاق النظام التركي، وتوسطت مرات عديدة لدى سورية لإعطاء أردوغان وإرهابييه الفرصة تلو الأخرى لينفذ تعهداته ولكنه لم يفعل.
سورية لم تثق يوماً بكل ادعاءات نظام أردوغان الكاذبة التي يقطعها للجانب الروسي بشأن إدلب، والجميع خبر مدى نكثه للعهود والانقلاب على التفاهمات، ولكنها تفعل ما بوسعها لتجنب المزيد من إراقة الدماء، وهي أعطته الكثير من المهل والفرص، ولكن ذلك لا يعني أن إدلب ستبقى رهينة لأوهام أردوغان وإرهابييه، فاستعادتها أمر محسوم، والجيش العربي السوري لن يدخر جهداً لتحريرها إلى جانب غيرها من المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الإرهابيين، أوالميليشيات العميلة، أو داعميهم من قوى الاحتلالين التركي والأميركي.
كلمة الموقع – ناصر منذر