“نيويورك.تايمز”: بريطانيا تتجه نحو وضع كارثي

الثورة اون لاين – ترجمة غادة سلامة:

منذ وقت ليس ببعيد، عندما رفع رئيس الوزراء بوريس جونسون جميع القيود المتعلقة بوباء كورونا في تموز، كان المزاج العام في جميع أنحاء البلاد متفائلاً لكن بحذر شديد.
لقد أعاد إطلاق اللقاح الناجح أخيراً الحياة للكثير من الناس، وعاد الناس لممارسة أعمالهم اليومية.. زيارة الأصدقاء والعائلة في منازلهم، والتواصل مع الغرباء، وتناول الطعام في المطاعم، لان عدد حالات العلاج بالمستشفيات والوفيات انخفض بشكل ملحوظ، وبدا أن الكابوس قد انتهى.
لكن أي شعور بالحياة الطبيعية اختفى في الأسابيع القليلة الماضية، في ظل أزمة الوقود الدراماتيكية، التي نتجت في جزء كبير منها عن نقص سائقي الشاحنات، وفي ذروتها أجبرت حوالي ثلث جميع محطات الوقود على الإغلاق، حتى أصبحت مصدر القلق الأكبر اليوم في بريطانيا العظمى.
لقد أدى تفاقم المشاكل الاقتصادية ومنها – نقص الغاز العالمي، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وقضايا سلسلة التوريد، وقرار المحافظين بخفض الرفاهية – إلى إلقاء مستقبل البلاد في الظلام، حتى جونسون، المعروف بتفاؤله المعزز بالأوهام، يكافح الآن من أجل تسليط الضوء على الوضع المأساوي في بلاده ووضع يديه على الجرح.
لأن الذعر الذي ساد بريطانيا الأسبوع الماضي، والذي استدعى الذكريات القديمة (والأساطير) حول الاضطراب الذي حصل في أواخر السبعينيات، ويبدو أن هذا الاضطراب سيعاود الكرة في هذا العام وسيبقى لفترة طويلة، حيث حذر قادة الصناعة في جميع أنحاء البلاد من النقص المزمن في العمالة – من سائقي الشاحنات، وأيضاً من جامعي المواد الغذائية ومجهزي اللحوم والنوادل والعاملين في مجال الرعاية الصحية – ما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد وإعاقة الأعمال التجارية.
إنها علامات الانهيار الموجودة في كل مكان في بريطانيا.. أرفف فارغة في محلات السوبر ماركت، وطعام يهدر في الحقول، والمزيد من ملصقات الأماكن الشاغرة المعلقة على نوافذ المتاجر والمطاعم. حتى إن منتجي اللحوم طالبوا الحكومة بالسماح لهم بتوظيف سجناء لسد الفجوة.
أحد الأسباب الرئيسية لهذا المأزق هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو على الأقل تعامل الحكومة مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لقد أدى رحيل بريطانيا المطول عن الكتلة، الذي تم القيام به دون أي جهد حقيقي من قبل جونسون لضمان انتقال سلس، إلى هجرة العمال الأوروبيين – وهي عملية تفاقمت بعد ذلك بسبب الوباء، حيث غادر ما يصل إلى 1.3 مليون مواطن أجنبي بريطانيا بين تموز 2019 أيلول 2020.
ومع ذلك، عندما أصبح من الواضح أن بريطانيا تواجه نقصاً كبيراً في العمالة، رفض المحافظون الرد، لقد انتفخوا، ووصفوه بأنه “وضع مصطنع”، لقد راوغوا، وأكدوا للجمهور أنه لا يوجد ما يدعو للقلق، ولأنهم رأوا فرصة إعادة صياغة إهمالهم كإحسان، فقد زعموا أن فشلهم في التصرف كان لأنهم أرادوا أن تدفع الشركات المزيد من رواتب العمال البريطانيين بدلاً من الاعتماد على العمالة الأجنبية الرخيصة.
إن حجة التقاعس عن العمل غير مقنعة، ففي هولندا على سبيل المثال، أدى التشريع الجديد إلى تحسين الأجور وظروف العمل لسائقي الشاحنات، وفي بريطانيا لا تزال الظروف من بين الأسوأ في أوروبا، استجابة الحكومة المتأخرة – التي تقدم 5000 تأشيرة مؤقتة للسائقين من دول الاتحاد الأوروبي – قليلة جداً ومتأخرة جداً، وبدلاً من زيادة الأجور، واجه الجمهور البريطاني حتى الآن أسعاراً أعلى فقط، ارتفع معدل التضخم بشكل أسرع من أي وقت مضى منذ عام 1997، كما أن ارتفاع أسعار الغاز على مستوى العالم يضع مزيداً من الضغط على حياة الناس، ما يجعل الطاقة أغلى من أي مكان آخر في أوروبا، حيث يعيش ثلاثة ملايين أسرة في بريطانيا بالفعل بلا وقود، وهم مضطرون للاختيار بين التدفئة وتناول الطعام في الشتاء، بعد أن رفع المحافظون سقف أسعار الطاقة في تشرين أول من هذا العام، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر.
ومع ذلك يدعي جونسون أنه أعطى المحافظين البريطانيين وجهاً ألطف، يتحدث بإثارة عن “رفع المستوى” و”الشحن التوربيني” للمجتمعات المتخلفة عن الركب، لكن سلوك حكومته يشير إلى خلاف ذلك.
في 30 أيلول الماضي أنهت الحكومة البريطانية برنامجاً يعوض الناس عما يصل إلى 80 بالمائة من الدخل المفقود أثناء الوباء، وفي السادس من تشرين أول من الشهر الجاري، سيخفض المحافظون الائتمان العالمي، وبرنامج الرعاية الاجتماعية الشامل في بريطانيا، بمقدار 20 جنيهاً إسترلينياً ، أو 27 دولاراً ، في الأسبوع – في أكبر خفض واحد لحكومة بريطانية في التاريخ البريطاني، ومتوقع أن يصبح نصف مليون شخص تحت خط الفقر، بما في ذلك 200 ألف طفل ( صندوق معاناة الشتاء المُعلن عنه حديثاً بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني، أو 678 مليون دولار، لن يفعل الكثير لتخفيف معاناة الناس في بريطانيا).

ووصف الكثيرون هذا الوضع الكئيب في بريطانيا من نقص الوقود إلى الفقر المتصاعد ، بأنها عاصفة تحمل معها المزيد من الكوارث لبريطانيا.
بقلم: صموئيل ايرل

آخر الأخبار
التربية تبحث خطط ترميم المدارس في حماة "الغارديان" تنتقد الرواية الإسرائيلية حول تكذيب المجاعة في غزة.. ماذا قالت؟  إعلام أميركي: دبلوماسية ترامب تحقق نتائج ملموسة في "الشرق الأوسط"  The Associated Press: ماذا يعني رفع العقوبات الأميركية عن سوريا؟ نحتاج إلى عملية بناء داخلية.. خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": رفع العقوبات نقطة بدء لمرحلة جديدة   العراق والإمارات: ندعم تحقيق الاستقرار في سوريا ورفع العقوبات يعزز ازدهارها بين المنزل والعمل.. صحفيات يكسرن الصورة النمطية ويحققن التوازن "الهجرة الدولية": سوريا بحاجة ماسة للدعم من أجل تعافيها ما بين "بيت أبو احمد" و" ماكدونالدز".. المساكن المسبقة الصنع تنهي عقوداً من الانتظار الخبير شعبو لـ"الثورة": انخفاض سعر الصرف وهمي لا يسهم بتخفيض الأسعار أهالٍ من طرطوس: بعد رفع العقوبات.. الحلم يتحقق والأمل بمستقبل زاهر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: قريباً.. هيئة للعدالة الانتقالية ومنصة لسوق العمل الدولار يتراقص على إيقاع السياسة جيب المواطن على المحك... هل تنقذنا الليرة؟ الأصول المجمدة.. كيف سيستعيدها المركزي بعد رفع العقوبات؟  مدير نقل دمشق: رفع العقوبات سينهض بالقطاع إلى مستويات جيدة د. أيوب لـ"الثورة": رفع العقوبات خطوة "ذهبية" لاستعادة العافية مرحلة جديدة للشعب السوري.. المحامي حميدو لـ"الثورة": ينعش الآمال المعيشية "رحلة انتصار"... رسائل توثق الذاكرة السورية زينة الرجال الأغبياء ... أبرياء يدفعون ثمن الرصاص الطائش.. إزالة الأنقاض وفتح الطرقات بريف حماة