الثورة أون لاين – أحمد حمادة:
كما هي العادة، يعتدي الكيان الإسرائيلي على مواقع جيشنا ثم تخيب صواريخه كما تخيب مجمل السياسات العدوانية الأميركية والغربية والصهيونية حيال سورية، يصوبها نحو مطار “التيفور” بريف حمص، عله يحصد شيئاً لم يقدر عليه في محيط دمشق في أوقات سابقة، فتتصدى لها وسائط دفاعنا الجوي وتسقط معظمها.
وكما هي العادة فإن الكيان الإسرائيلي يقوم بالتنسيق مع المحتل الأميركي في المكان والتوقيت والهدف، فتأتي صواريخه المعتدية أولاً من جهة منطقة التنف، أي من جهة قاعدة الاحتلال العسكري الأميركي هناك، وليس من سماء الجولان أو الأجواء اللبنانية كما في المرات السابقة، وتأتي ثانياً بالتزامن مع التصعيد الأميركي / البريطاني / الفرنسي ضد سورية في مجلس الأمن الدولي، ومحاولة النبش في دفاتر (الكيماوي) المُفلِسة، وتأتي لتحقيق أهداف واشنطن الاستعمارية ذاتها.
هذا التنسيق بين أقطاب منظومة العدوان والكيان الإسرائيلي لم يعد خافياً على أحد، ودلالته اليوم بتزامن العدوان مع أكثر من حدث ومخطط، أولها خشية منظومة العسكرة والشر الأميركية من خسارة أوراقها وإرهابييها في الشمال السوري والجزيرة السورية، ولاسيما بعد الاستعدادات السورية لتحرير الأراضي المحتلة هناك، وإيصال رسائل عديدة من قبل دمشق وموسكو بأن ساعة رحيل المحتلين والتنظيمات الإرهابية قد حانت، ولذلك فإن العدوان المذكور جاء كهجوم استباقي لما قبل الحسم السوري في إدلب والجزيرة، وتحسباً لخسارة قادمة قد لا تتحملها منظومة العدوان على سورية.
أيضاً لاحظت الكثير من القراءات والتحليلات أن واشنطن وأدواتها، وفي مقدمتها بريطانيا وتركيا وفرنسا، باتت منزعجة من انتصارات سورية على الأرض وفي ميادين السياسة، ومن الانفتاح العربي عليها، ومن تلميح العديد من الدول الأوروبية برغبتها بتطبيع علاقاتها معها، فبدأ حكام البيت الأبيض بالتخبط وتسعير مواقفهم ولهجتهم، ومحاولتهم خلط الأوراق من جديد، ورأينا ذلك جلياً من خلال إعادة نبش واشنطن وباريس ولندن لما يسمى ملف (السلاح الكيماوي) في مجلس الأمن وتسويق مسرحياته، وإمكانية اتخاذه جسر عبور لإدانة سورية، ومحاولة فرض إملاءات منظومة العدوان وشروطها عليها.
وفي هذه العجالة لا يمكن أن يغيب عن الذهن الهدف المزمن لمثل هذا العدوان، أي تقديم جرعة إضافية من الدعم لتنظيمات الإرهاب المنهارة من جهة، وهروب حكومة الاحتلال الصهيوني من أزماتها الداخلية من جهة، وتنفيذ أوامر منظومة العدوان بقيادة واشنطن حين تفشل هي بمهامها الإرهابية من جهة ثالثة، واستباق ما يتم التحضير له في إدلب والجزيرة اليوم يؤكد ذلك تماماً.
كما لا يمكن أن يغيب عن الذهن أهداف معسكر الشر الأميركي بتأجيج التوتر في المنطقة برمتها، ولاسيما بعد فشل البيت الأبيض بمسألة إعادة تدوير تنظيم “داعش” المتطرف، وإعادة إنتاج التنظيمات المتطرفة التي تنشر الإرهاب والفوضى الهدامة في سورية والمنطقة، وطرحهم اليوم بالتنسيق مع النظام التركي ما يسمى حل جبهة النصرة المتطرفة ودمجها بالتنظيمات الإرهابية، أو بما يطلقون عليهم معتدلين مزعومين.
قصارى القول لا يمكن لواشنطن، ولا لكيانها الإسرائيلي، أن يخلعوا جلدهم العدواني الإرهابي، ولا يمكن لهما أن يتخلوا عن الاستثمار بالإرهاب والأزمات والحروب، وكل خطواتهم على الأرض تؤكد أنهم ماضون بإرهابهم وغطرستهم واحتلالهم ونهبهم لثروات السوريين، ومحاولة تقسيم خارطتهم بما ينسجم مع مخططاتهم الاستعمارية