الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
يخطو الاتحاد الأوروبي من دون بصيرة أو تعقل على خطا الولايات المتحدة ومواقفها العدوانية تجاه سورية مؤكدا تبعيته لها دون أدنى استقلال لقراره السيادي فيما يتعلق بحقوق ومصالح الدول الأخرى، فخلال العشر سنوات الماضية كانت مواقف هذه الكتلة السياسية والاقتصادية الغربية صدى مباشرا لمواقف الولايات المتحدة فيما يخص الحرب الإرهابية على سورية، وفي كل يوم تقريباً ينجلي الموقف الأوروبي عن نوع جديد مستفز ومخجل من التبعية العمياء لواشنطن، بالرغم من السياسة الفوقية التي تمارسها واشنطن تجاه دول الاتحاد وشعوبه.
وفي جديد الاتحاد الأوروبي ومواقفه وإجراءاته اللاشرعية تجاه سورية الإصرار على تمديد الإجراءات القسرية اللامشروعة بشأن مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري وبعض العاملين فيه، ليأتي هذا الموقف تأكيداً وبرهاناً على أن الأوروبيين كحكومات ودول لا يخرجون عن السياسة الاستعمارية العدوانية التي ترسمها واشنطن لهم، وهم بذلك يعلنون محاربتهم للعلم والدراسات والبحوث العلمية التي يقوم بها علماء سورية من أجل تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي لأبناء بلدهم والمساهمة في تقدم بلدهم العلمي والبحثي واستعادة الحياة الطبيعية في سورية بعد عشر سنوات من الخراب والفساد والدمار الذي أحدثه الإرهاب التكفيري العالمي في سورية بدعم واحتضان وتمويل من قبل الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية.
إنما تأتي هذه الإجراءات الأوروبية – بحسب بيان الخارجية السورية التي استنكرت هذا الموقف المرفوض – في إطار الاستهداف الممنهج لسورية من أجل عرقلة تعافيها من الحرب التي شنت عليها، وهي إجراءات تفتقر لأدنى درجات الموضوعية والصدقية، ولا تستند في تبريرها سوى على أكاذيب وفبركات وأضاليل دأبت عليها الدول المعادية لسورية، من أجل تشويه صورة الحكومة السورية والجيش العربي السوري اللذين قهرا الإرهاب الظلامي نيابة عن العالم، وكذلك الاستمرار في تسييس عمل منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، والنيل من صدقية التقارير التي أكدت تخلص سورية من مخزونها الكيميائي عام 2014 بالتعاون مع المنظمة الدولية وبشهادة خبرائها ومفتشيها.
إن الاستمرار بهذه السياسة الغوغائية من قبل الاتحاد الأوروبي يرسل رسائل دعم للجماعات الإرهابية المتبقية في الشمال الغربي في سورية من أجل المضي قدما في إجرامها وفبركة المسرحيات الكيميائية لاتهام الدولة السورية، وإعاقة استكمال تحرير محافظة إدلب من قبل ما تبقى فيها من إرهابيين ومرتزقة يتبعون لتنظيم القاعدة ومجاميع إرهابية أخرى ترعاها تركيا ودول غربية مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية.
من المؤسف أن الاتحاد الأوروبي مايزال يصم آذانه ويغمض أعينه عن معاناة الشعب السوري الذي أنهكته الحرب الإرهابية، ويواصل نفس السياسات العدائية التي تتماهى وتنسجم مع رغبات الإرهابيين وداعميهم، وهي سياسة من شأنها استمرار الفوضى وإطالة عمر الإرهاب في المنطقة، بما ينعكس سلبا على أمن واستقرار المنطقة والعالم بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وشعوبه، إلى جانب تسببها بتأخير الحلول السياسية والسلمية التي تنهي معاناة الشعب السوري.
إن استمرار الاتحاد الأوروبي بإتباع هذه السياسة الرعناء البعيدة كل البعد عن الشرعية الدولية من شأنه أن يقصي الاتحاد عن أي دور إيجابي يمكن أن يلعبه في المستقبل، ولاسيما في قضية إعمار ما دمرته الحرب في سورية وإعادة اللاجئين والمهجرين، فكل تصرف أوروبي أحمق تجاه سورية يسهم بزيادة التوتر يمكن أن ينعكس سلبا في موضوع اللاجئين والمهجرين ويؤخر حل قضيتهم، ورغم كل ذلك تذكر سورية – وهي التي حاربت الإرهاب وانتصرت عليه وهزمته – الاتحاد الأوروبي بأن إجراءاته الظالمة هي تجديف في الهواء لا قيمة لها ولن تفت في عضد السوريين ولن تغير قناعاتهم، فالحكومة السورية والقيادة السورية والجيش العربي السوري إلى جانب الحلفاء والأصدقاء مصممون على دحر ما تبقى من إرهاب وإفشال أي مشاريع أجنبية معادية للدولة السورية، ولن تزيد المواقف الغربية السوريين إلا صموداً وتصميما على الانتصار ورفض أي تدخل خارجي بشؤون بلدهم.
السابق
التالي