الملحق الثقافي:إلهام سلطان:
«حنين الياسمين».. كتابٌ عبارة عن خواطرٍ، هي باكورة أعمال «ياسمين إدلبي»، التي حمّلتهُ ومضات وإشراقات، بين الحبّ والحرب، الخيانة والفراق، الكبرياء والمكابرة..
كتابٌ تمورُ سطوره بإحساسٍ عالٍ، ولغة شاعريّة، وصور تنبض بالحياة، نسجتها مخيلة إبداعيّة، تفردُ على ضفافها العشق للوطن، ولأناسٍ رحلوا وتركوا في القلبِ ندوباً لا تندمل.
الكاتبة «ياسمين إدلبي» حفيدة الأديبة الكبيرة «ألفة الإدلبي»، وقد ارتشفت من إبداعها، الصدق والإحساس العالي والأسلوب المتميّز، واللغة الشفافة وعشق الأرض والكبرياء، ورفض كلّ من يحاول أن يدنس طهر الوطن…
تزين الكاتبة غلاف كتابها، بتراتيلٍ ورديّة عن الحبّ والعشق.. تراتيل الياسمين، وتدعو لأن يكون الحبّ، هو المرساة الأخيرة في حياتنا، والتي تهبنا الأمان والحياة والفرح وسرّ الكون..
«أشواقي أنا بركانٌ ثائر، كن معي واحضنْ بركانَ شوقي في شطآن قلبك.. اعترفْ بحبي وكن له ومعه، ولا تكن في الحبِّ حائر»..
تبدأ «الإدلبي» بقصة «حنين الياسمين»، وهي قصة شتلة من حنينٍ، زُرعت في أرض الشّام، وتسلّقت جدران بيوتها العتيقة.. عاشت مع أهلها ونسجت معهم حكايات العشق والوفاء.. رسّخت جذورها في أرض دمشق، لتشرب من مائها، ما زاد عطرها جمالاً وشذا..
مزجت الكاتبة بين حبّ المحبوب وحبّ الوطن ، وكيف تبدو الحياة ضوءاً آخر، وسحراً آخر، عندما ندثّر تلافيف وجودنا، بنبضاتِ الحبِّ القرمزية.. تتابع رسائلها العاشقة، وترسلها إلى من لوّن حياتها، وحوّلها إلى ربيعٍ مملوءٍ بالأمل والإشراق…
في الفصل الثاني «حنين اللقاء»، ومضاتٌ عن الفرح والاشتياق والحنين والذاكرة والنسيان، العنفوان، الحلم، الاعتذار، الرغبة، الوحشة، الليل، الاعتراف، القوة، الضعف، الوداع واللقاء، لتصل إلى القرار الاخير «بالحب وحده يحيا الإنسان»..
كلّ ومضةٍ، هي لوحةٌ تمور بمعاني الإنسانية، ونوازع النفس البشرية، وصراعات الخير والشرّ، الظلمة والنور، الحزن والفرح…
«عشق وغربة وطن»، عنوانٌ لفصلٍ آخر من الكتاب، وفيه يتغلغل عشق سورية في تفاصيل نبضها، وقولها:
«صغت دنيايَ بحروفِ اسمكِ، وصدى صوتكِ، وتغريد عصافيركِ، بلحظاتِ حبّكِ ولحظات بعدكِ.. تركتُ عالمي ومضيت في خيالي، لأنّك في خيالي كما كنت دائماً. آمنة، نقيّة، فرحة، أما في الواقع فقد شوّه أمانكِ الخونة، واغتصبوا نقاءك.. عودي لنا سورية.. عودي لنا كما كنت دوماً، ذاك الوطن المملوء بالحبِّ والأمان.. ذاك الوطن الذي كان ومازال وسيبقى، وطن الكرامة والعروبة والعنفوان..».
لقد أسرفت «ياسمين» بعشق سوريتها، ووصفِ جمالها وحضارتها وتاريخها وبهائها وشموخها، واعتبرتها لوحة إلهيّة، ورأت أن الاغتراب عن الوطن، منفى يسحق تفاصيل الروح..
فعلت ذلك، بـ «كبرياء ومكابرة».. كبرياء الأنثى الواضح في كلّ كلمةٍ من كلماتها التي توّجتها بعنفوانٍ، كان كالبركان أمام كلّ من يحاول أن يمس بها.
«أخبرْ من كان يتمنى أن تتحطّم، بأنكَ لن تبقى مقعداً لتلك الهموم، وبشِّر من كان ينتظر منك هذه القوة، بأنك ستفعل المستحيل»..
تتوالى كلماتها معبرة عن قدسيّة الحبّ، فأمام هذه المفردة، كلّ شيءٍ يتساقط لديها:
«تعال واترك الكبرياء، وكن بقربي تحت مسمّى العشق، لأني بقربك أملكُ الكون، وفي بعدكَ أتوه عن كلّ ما في الحياة من حياة.. تعال وكن عشقي الأبديّ، بعيداً عن المكابرة وكلّ التسميات».
التاريخ: الثلاثاء19-10-2021
رقم العدد :1068