صحيح أن الصناعة والتجارة مهمة وأداة إيجابية ومقياس حقيقي في عملية تقدم البلدان.. إلا أن ذلك لا يعني إهمال قطاعات أخرى لا تقلّ أهمية.. لا بل يمكن أن تكون أكثر أهمية خاصة في ظلّ ظروف الحرب والحصار..
لا أحد ينكر أن هناك محاولات من خلال التصريحات والاجتماعات المتكررة والإجراءات الناتجة سواء كانت قانونية أم محاولة لخلق بيئة خصبة مشجعة للصناعة الوطنية، وخاصة تلك المتعلقة بمشاريع الطاقة الأكثر تضرراً من الحرب الإرهابية، إضافة إلى المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وتمويلهما عبرعدة قرارات مصرفية داعمة، إلا أنّ قراءة الواقع بدقة توصلنا إلى نتيجة لا تعكس مخرجات ذات أهمية مطلقة نسبة وتناسباً مع المقدمات..!!.
ظروف موضوعية معيقة وأخرى ذاتية أكثر خطورة قوامها الطمع والاستغلال عند تجار الدم .. فالحرب الإرهابية المفروضة على سورية منذ أكثر من عشر سنوات، والأزمة المركبة والمعقدة على معظم الجبهات، وما نتج عنها من تدمير للبنى التحتية وسرقة الموارد والثروات وتفكيك المعامل وسرقتها ما زالت تشكّل عقبات حقيقية في هذا المشوار الطويل..
المهم هي الخطوة الأولى أن تكون موزونة تماماً لنصل إلى معادلة “الألف ميل”..
نعيد و نكرر.. صحيح أن الصناعة والتجارة رافعتان مهمتان للتطوير والتقدم.. إلا أن ذلك يجب ألا ينسينا أن البيئة الاستثمارية الأهم في سورية هي الزراعة والصناعة المرتبطة بها انطلاقاً من أن سورية بلد زراعي بامتياز نظراً للمقومات “المجانية” المتوافرة و التي تتفرد بها..
من هنا ينتظر من الحكومة أن تولي هذا القطاع “قولاً و فعلاً” أهمية و دعم استثنائي خاصة أنه كان رافعة حقيقية والعمود الفقري في صمود سورية بوجه العقوبات المفروضة من خلال تمسك الفلاح بأرضه و استثمار كلّ شبر فيها على خلاف البعض الذي هرب وترك بلده وقت حاجتها له.. !!
اليوم يتعرض هذا القطاع لخطر حقيقي، ومن إهمال وضغط من خلال انعدام مقوماته الأساسية بدءاً من عوامل الطاقة وليس انتهاءً بغلاء الأسمدة و متطلبات الإنتاج.. و الذي يهدد بخروج عدد كبير من الخدمة أو عزوفهم عن الاستثمار.. بسبب ذلك
نسمع من وقت لآخر عن مبادرات لدعم الصناعيين والتجار وسعيهم لتوفير المازوت اللازم للمعامل بأسعار تشجيعية.. هذا أمر جيد، ولكن يجب أن ينصبّ الاهتمام على كلّ القطاعات انطلاقاً من التكامل فيما بينهم لتحقيق القيمة المضافة المنشودة في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق توازن حقيقي بما ينعكس بالنهاية إلى تحسين الوضع المعيشي للمواطن، والذي يشكل أساس أي عملية صناعية أو تجارية أو صناعية.. فالمواطن هو المحور وهو البوصلة التي يجب أن توجه إلى خدمة المواطن الذي ضحى و صبر..
الزراعة في الساحل السوري سواء كانت محمية أم محاصيل الحمضيات والتفاح مهددة من خلال ارتفاع تكاليف الإنتاج، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف البعض عن المخاطرة..!!.
المواطن و الفلاح هما من يدفع أثماناً باهظة.. أما الوسطاء والتجار هم من يأكلون البيضة وقشرتها..
الأسواق اليوم تشهد ارتفاعاً عشوائياً لمعظم السلع سواء كانت تموينية أم زراعية من خضار وفواكه، وما سببه ذلك من ضغط معيشي من نوع آخر على المواطن المستهلك والفلاح..!!.
المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تشكيل خلية أزمة زراعية تعمل على مدار الساعة لإيجاد حلول فورية ومنصفة و مستدامة لهذا القطاع المهدد، والذي كان على مدار سنوات الحرب والحصار رافعة حقيقية وصمام أمان لصمود سورية بوجه أعدائها و حصارهم الاقتصادي..
على الملأ -شعبان أحمد