الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
لأن الأدب بصنوفه كافة هو الطريق الأقرب للتواصل بين الشعوب وخلق وشائج قربى بينها، ولأن ثمة قواسم مشتركة تربط بين الأدبين العربي والإيراني، استضاف اتحاد الكتاب العرب ندوة حوارية كان ربانها الأرقم الزعبي عضو المكتب التنفيذي، وفرسانها الأديب علي أصفري عزتي، والأديب مهدي كفاش للحديث عبر تجربتهما عن أهمية الأدب الإيراني في خلق تبادل ثقافي فاعل بين البلدين، إيران وسورية.
تعزيز العلاقات
وبدوره بين د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، بأن الاتحاد يسعى إلى تفعيل العلاقات الثقافية والأدبية مع بعض الدول سواء كانت دولا عربية أو إسلامية وغيرها من دول الجوار، و التي ترتبط بعلاقات معرفية ومنها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ذلك أن هناك الكثير من المشتركات تجمع بين الأدبين الفارسي والعربي.
وأضاف: لاشك هذا اللقاء يسهم بتعزيز العلاقات الثقافية والأدبية بين البلدين، وثمة خطة لطباعة بعض الكتب العربية بلغات أخرى وبالعكس أيضا، فحركة الترجمة تتجه إلى نقل الآداب والثقافة والعلوم إلى اللغات الأخرى وترجمتها، واللقاء الحواري الذي نحن بصدده يصب في هذا الاتجاه.
حضور لافت
رغم أن الضيفين لا يتحدثان العربية، لكن المترجم أجاد وأبدع في ترجمة الحوار بلغة سليمة أخذتنا إلى فضاءات الأدب الفارسي الرحب.
وتوقف الأديب علي أصفري عزتي صاحب رواية” مستأجر في حي الأمين” عند أهم التيارات الأدبية في القصة والرواية، وبين أن التاريخ مملوء بالتغيرات والتحولات، وتعد الحركة الدستورية في العام 1905 من أهم الأحداث في التاريخ المعاصر، حيث تماهت هذه الحركة الاجتماعية السياسية مع التجديد الأدبي في إيران، فكانت رواية” تاريخ غيرات” وتعني تاريخ الغيرة والحمية، وتحدثت عن الهجوم العثماني على مدينة همدان في إيران ومقاومة الأهالي في صد هذا الهجوم.
ومن ثم ظهرت القصة القصيرة بريادة الأديب محمد علي جمال جادي، وهذه المرحلة بدأها الأدباء الدارسون في فرنسا عند عودتهم إلى إيران متأثرين بالفكر الغربي، وبعد ذلك انضوى الكتاّب ضمن تيارين” يساريون، وليبراليون” وأيضا نشأ تيار جديد بعد انتصار الثورة الإسلامية.
وأوضح عزتي أهمية الترجمة في نقل ثقافات الآخر وخصوصا الروايات والقصص العربية الهامة والتي نالت جوائز في العالم العربي، وترجمتها إلى الفارسية، فللكتاب حضور قوي في إيران والشعب الإيراني قارىء نهم، وما يكتبه العرب يجد أصداءه عند الشعب الإيراني.
طموح ورؤى
وعن تجربته الروائية تحدث مهدي كفاش وبدأها بالحديث عن رواية” وعد مهنا” التي تحكي عن وقائع حدثت في سورية، شمال غرب حلب، حي جمعية الزهراء، ورغم أنه لم يزر تلك المنطقة لكنه استطاع أن يصفها متزودا بخياله الذي تطابق مع الواقع في كثير من التفاصيل.
ليؤكد بأن الحرب تعطي فرصة بين زحام الدمار لإعادة البناء والنهوض نحو الأمام ونحو مستقبل أكثر إشراقا، فللأدب مهمتان أولهما الإنذار والذي يحد من الجرائم ويهيئنا للأيام القادمة، والأمر الآخر إعطاء البشارة ليأخذنا نحو المستقبل، والشواهد كثيرة على ذلك ندركها عند قراءتنا للقصة والرواية.
وأشار بدوره إلى مشروع الأمانة السورية للتنمية الذي تقوم عليه السيدة الأولى، سيدة الياسمين، ودور هذا المشروع في إعادة البناء، وخصوصا أن الكثير من معالم التطور والحداثة بدأت تلوح في الأفق متجاوزة دمار الحرب وآثارها في تخريب البنية التحتية.
مذكرة تفاهم
وأكدت المداخلات على أهمية إحياء العلاقات الثقافية والأدبية بين البلدين، عبر تبادل الأنشطة والفعاليات، لأن الثقافة ملح العلاقات.
وبين الضيوف أن التنظيمات والروابط المعنية بالكتاب منها ما هو أهلي ومنها رسمي، والكاتب في إيران يتمتع بالحرية للتعبير عن الرأي، وفي اتحاداتهم ميزات للكتّاب” الطبابة، التأمين، والتقاعد والجمعيات السكنية”
وفي الختام جرى الاتفاق على العمل لتوقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين، وسلم رئيس الاتحاد مسودة لمشروع اتفاقية تعاون، حيث وعدوا بدراستها والعودة لتوقيعها.
سيرة ذاتية
علي أصفري عزتي: كاتب وروائي، درس المعارف الإسلامية، وأيضا الفن المسرحي في كلية الإذاعة والتلفزيون، له من المؤلفات ثمانية كتب في أدب الأطفال واليافعين والكبار، طبعت له روايتان” تشريف، المستأجر في حي الأمين، ويدير مركزا أدبيا لتعليم فن الرواية” مدينة الأدب”
الأديب مهدي كفاش: يمارس الكتابة منذ عشرين عاما، لديه ثلاث روايات وقصص طويلة، وستة كتب مشتركة، مرشح لجائزة جلال الأحمد في كتاب العام، ويدرس فن كتابة الرواية في المركز الفني.
واللافت في الندوة الحوارية مهارة الضيوف في التعريف بأدبهم والتيارات الأدبية مقترنة بالأحداث، وحركة الترجمة النشطة لديهم لاستقطاب الأكثر تميزا في نتاجات الشعوب، فهل نحذو حذوهم، ليحتل أدبنا مكانته التي تليق به ويسمو في فضاءات الآداب العالمية؟
