مع كلّ الضجيج الإعلامي الذي يصدر عن وسائل الإعلام الغربية منذ أن بدأ عصر التضليل والكذب لايمكن المتابع أن يقع على شيء من الصدق فيما يصرعون العالم به .
حرية وسيادة وديمقراطية وما في الجعبة من مصطلحات التضليل التي أتت الكثير من أكلها كأدوات عدوان لكنّها وصلت حدّ الإفلاس.
هذه الحال هي استجابة واستطالة الاستراتيجية الأميركية التي تعمل على تحريك واستعمال أدواتها حيث كانت سواء دولاً ام مجموعات إرهابية وتظلّ هي واشنطن وراء الستارة تضخ المزيد من الوقود على النار التي أشعلتها بشكّل غير مباشر ومن ثم تخرج باللحظة المناسبة لها لتبدو سيدة الموقف وكأنها الحكم في العالم.
الغرب اليوم يدخل في لعبة صناعة العدو التي تتقنها واشنطن، لهذا تزج به بمواجهة موسكو واختلاق المشاكل والعمل على تضخيمها والدفع بها إلى الأمام، كما الحشد الغربي في البحر الأسود ومن ثم الاستفزاز الذي قد يصل إلى مرحلة الخطر..
عن هذا الجنون يتساءل أحد المحللين الروس قائلاً:
(فما الذي يخافه الغرب حقاً؟ هل يخاف ما يسميه “دعم الأنظمة الاستبدادية من جانب روسيا؟ أو “هجمات روسية على دول البلطيق”؟).
إن هذا ما يخشاه ضحايا الدعاية، ممن اقتنعوا لسنوات طويلة بأن روسيا عدو معتد. أما الذين ابتدعوا هذه الدعايات الكاذبة فيعرفون أنها باطلة. في الواقع يخشى السياسيون الأميركيون الحفاظ على العالم متعدد الأقطاب، الذي تدافع عنه روسيا، لا ترغب الدول في تدمير هيمنتها على الساحة العالمية، تلك الهيمنة التي بنوها لفترة طويلة، وبمجهودات وموارد ضخمة، وباستخدام أكثر الوسائل خزياً ووضاعة، بما في ذلك إطلاق العنان للصراعات المحليّة، واستخدام التطرف والإرهاب مطية، وافتعال “الثورات الملونة”، وإيصال أتباعها إلى السلطة في دول أخرى وغيرها من الوسائل. تحلم الولايات المتحدة الأميركية بعالم أحادي القطب، يقع جميعه تحت تأثيرها، مع قدرتها على استخدام موارد البلدان الأخرى مجاناً أو مقابل “سنتات” صغيرة.
بإمكان الولايات المتحدة الأميركية استخدام “دمقرطة” المجتمع ستاراً لإدراك هذه النيات، ومع ذلك فتطبيق الديمقراطية الأميركية في البلدان الأخرى بالقوة لا يتجذّر.
واليوم، تدعم روسيا، باعتبارها قوة عظمى راسخة، حق كلّ دولة في السيادة، وتنظّم حوارات بين الأطراف المتحاربة، بما في ذلك في المناطق التي يستفيد فيها الغرب من الحروب وعدم الاستقرار، فليس من مصلحة روسيا، بطبيعة الحال، أن “يرقص” العالم أجمع على الطريقة الأميركية، ويجرون وراء السراب الأميركي.)
واشنطن وراء المحيط بعيدة لكنّها محراك الشر الذي لايمكن له أن يهدأ لأن هدوءه يعني ببساطة انتهاء المشاكل الكبرى وهذا ما ليس في مصلحتها ..الغرب الذي يدعي السيادة وضع نفسه منذ زمن بعيد في صف التبعية التي تعني الهوان والضعف.
نبض الحدث بقلم أمين التحرير ديب علي حسن