الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
لا جدال في أن الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد المؤسس الراحل حافظ الأسد قبل واحد وخمسين عاما كانت حدثا مفصلياً حاسما في تاريخ سورية الحديث، لأنها انتقلت بسورية نقلة نوعية في كل المجالات، وأسست لمرحلة من النهوض بالواقع الوطني، وأعادت بلورته من منظور قومي عربي بعد مرحلة من الضياع أعقبت نكسة حزيران، كما أعطت لسورية المكانة التي تليق بها وتستحقها على المستويين العربي والدولي، بفضل السياسة الحكيمة التي انتهجها قائد التصحيح.
فعلى المستوى الداخلي طوت سورية مرحلة الانقلابات العسكرية والفوضى السياسية التي كانت تعانيها منذ إعلان جلاء المستعمر الفرنسي عن أراضيها، وودعت زمن المشاريع المشبوهة التي تتناقض مع مصالح شعبها، كما تم إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس سليمة تضمن أوسع مشاركة للجماهير في اتخاذ القرار السياسي والوطني بعيدا عن الفردية والمزاجية التي تتحكم بالأشخاص، لتسير سورية أشواطاً بعيدة على طريق الديمقراطية الشعبية التي تمثلت بانتخابات مجلس الشعب والإدارة المحلية ومجالس المحافظات، وكذلك إنشاء النقابات والاتحادات المهنية التي تمثل كل شرائح المجتمع وتدافع عن حقوقها ومكتسباتها في ظل الدستور والقوانين.
وفي جردة بسيطة وسريعة لما تحقق في زمن التصحيح يمكن القول إن مجالات التربية والتعليم والصحة وبقية الخدمات شهدت قفزات نوعية على طريق تطويرها كماً وكيفاً و إتاحتها بشكل مجان لجميع شرائح المجتمع وخاصة الطبقات الكادحة، كما عززت الحركة التصحيحية من قوة الاقتصاد السوري وزادت من الإنتاج الزراعي والصناعي بشكل يدعم استقلالية القرار السياسي، لتتعزز قدرة الدولة على الصمود في وجه التحديات والضغوط الخارجية التي استهدفتها نتيجة مواقفها المستقلة والشجاعة تجاه مختلف القضايا.
وتتويجاً لكل هذا العمل الدؤوب حقق الاقتصاد السوري في سنوات التصحيح وفي عهد السيد الرئيس بشار الأسد قائد مسيرة التحديث والتطوير إنجازات مهمة تمثلت بتحقيق الأمن الغذائي والتوصل إلى الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب وتصدير الفائض منها بالإضافة إلى التوسع في الأراضي الزراعية وتنوع المحاصيل.
كما أولت الحركة التصحيحية الثقافة والأدب والإبداع أهمية قصوى تتناسب مع مكانة سورية، وأطلق القائد المؤسس مقولة الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية، وأصبح الاهتمام بالفنون والآداب بأنواعها عنوانا للحركة الثقافية في سورية، حيث أسست المراكز الثقافية في كل بلدة ومنطقة، وظهر الاهتمام بالشعراء والكتاب والفنانين والمبدعين ورعايتهم وتكريمهم من قبل الدولة إيمانا بدور الثقافة في تقدم الأمم وتطورها.
كما رسخت الحركة التصحيحية أسس نهضة شاملة في البلاد قامت على التطوير والتحديث الداخلي في جميع المجالات بهدف تحقيق التنمية الشاملة، كما أرست الحركة قواعد التعددية الاقتصادية لإفساح المجال أمام القطاعات كافة لتؤدي دورها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
كما أولت الحركة التصحيحية مؤسسة الجيش العربي السوري كل الاهتمام والرعاية بحيث أسست جيشا وطنيا عقائديا لحماية حدود الوطن والذود عنه، وكذلك حماية الأمن والاستقرار في الداخل من عبث العابثين والإرهابيين، حيث خاض هذا الجيش البطل معارك شرسة لتحرير الأرض فكانت حرب تشرين المجيدة عام ١٩٧٣، وقد شهدت السنوات الأخيرة لهذا الجيش صموده الاسطوري بمواجهة أعتى المعارك والحروب حيث استطاع دحر الإرهاب ومقاومة كل أشكال الضغوط التي تعرض لها للنيل من عقيدته الوطنية ومناقبه الأخلاقية.
ولم تتوقف منجزات الحركة التصحيحية برحيل مفجرها القائد المؤسس عام 2000 بل استمرت بوتيرة متسارعة مع انتخاب السيد الرئيس بشار الأسد رئيسا للجمهورية، وطرحه مشروعه للتحديث والتطوير في مختلف مجالات الحياة، وتعزيزا لمنجزات الحركة التصحيحية أطلق سيادته حزمة من الإصلاحات الشاملة لتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلاد من أجل تأمين حياة أفضل لجميع مكونات الشعب، مستلهما بذلك قيم الحركة التصحيحية في إيجاد حلول واقعية ذاتية للمشكلات الطارئة وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة المؤامرات والتحديات الخارجية.
ولو تساءلنا عن اللغز الذي جعل سورية تصمد أكثر من عشر سنوات في هذه الحرب الكونية وتنتصر في النهاية على أوسع وأخطر وأعتى وأطول عدوان تشنه دول عظمى بالوكالة وبالأصالة عن نفسها، لاكتشفنا أنه يكمن في البناء الراسخ والشامخ الذي أرسته الحركة التصحيحية، إذ لولا قوة ومتانة وأصالة هذا البناء العظيم لما تمكنت سورية من تجاوز هذه الحرب المريرة، وفرض إرادتها وإرادة شعبها وقيادتها على العالم، بحيث اعترف العدو قبل الصديق بانتصارها، معرباً عن عجزه في فك اللغز وتغيير وجه سورية العروبي المقاوم.
السابق