وجدوا أنفسهم فيها مجبرين لا مخيرين، وتحت ألقاب ومسميات عدة لم يختاروها، بل لأسباب وظروف ما دفعتهم لارتكاب أفعال كانت سبباً ليكونوا نزلاء في معاهد الرعاية الاجتماعية، وهم أطفال ومن شرائح عمرية مختلفة لكنهم حرموا الطفولة والحياة الأسرية والمجتمعية السليمة التي من المفروض وهم في هذه الأعمار أن يكونوا متنعمين بها، كما بقية الأقران الآخرين الذين لم يعيشوا تلك الظروف والأسباب.
ففي معاهد إصلاح الأحداث الجانحين ومعاهد التربية للفتيات الجانحات أعداد من النزلاء ليست بقليلة ازدادات مع ظروف الحرب، ومن أعمار مختلفة يعيشون يومياتهم وبنظرة مجتمعية دونية لكثيرين لم يأخذوا بالأسباب والدوافع التي جعلت هؤلاء الأحداث تحت مسمى جانحين وجانحات نتيجة أعمال يعاقب عليها القانون والمجتمع.
وبدا لافتاً مؤخراً توجه بعض هذه المعاهد لاعتماد خطط تدريب هؤلاء النزلاء وتأهيلهم على مهن متعددة تساعدهم على متابعة حياتهم حين خروجهم من معاهدهم سواء ذكوراً كانوا أم إناثاً، وذلك عبر دورات تدريب محو أمية وحلاقة وخياطة وغير ذلك من مجالات التأهيل بالتعاون مع جهات وجمعيات باختصاصات مختلفة.
ويسجل لمعهد خالد بن الوليد لإصلاح الأحداث الجانحين في ريف دمشق ما يقوم به نزلاؤه حالياً من أنشطة زراعية بهدف إكسابهم مهنة ولدعم موضوع جعالة الطعام في المعهد، عبر المشروع الزراعي الذي بدأ مع بداية العام من خلال استثمار دونمات من مساحة الأرض المحيطة بالمعهد وزراعتها من قبل النزلاء بمحاصيل زراعية متنوعة، حيث مهنة الزراعة من أحد الأنشطة والحرف التي يقوم بها النزلاء لإكسابهم مهارة، ولدعم الجعالة.
ولأن هدف هذه المعاهد إصلاح من وجدوا أنفسهم داخل أسوارها، لسبب أو لآخر، فضروري جداً أن تولى كثيراً من الاهتمام والمتابعة وتفعيل أدوارها المهمة، فالشريحة المجتمعية الموجودة فيها هي طاقات مهدورة، وفي حال إصلاحها وتأهيلها بالشكل المناسب نفسياً ومهنياً ستكون فاعلة في المجتمع كما بقية الأفراد.
مع ضرورة تقييم ما يتم القيام به من قبل نزلاء هذه المعاهد من أنشطة وتأهيل، والاستفادة من إمكانياتهم ورعايتهم من جميع الجوانب، ولاسيما أن الشؤون الاجتماعية والعمل تؤكد حرصها على أن تكون معاهد الرعاية الاجتماعية جميعها فاعلة وتؤدي أدوارها في رعاية وإصلاح واحتضان الشرائح المستحفة.
حديث الناس -مريم إبراهيم