لكل شيء فترة صلاحية..
رؤية
حشدٌ من رغبات..
لميس علي
لكل شيء فترة صلاحية..
حتى الأشواق والمشاعر وأيضاً الرغبة.. لها هي الأخرى فترة صلاحية..
حذارِ، إذاً، من النسيان..
وفق ميلان كونديرا “النسيان رديف الموت”..
أن تصبح مشاعرنا ورغباتنا تجاه شيء أو شخص ما، بصلاحية منتهية الأجل، يعني أنها تلاشت.. وهو شبه إعلان إلى أن من أثارها يوماً داخلنا، بدأ يتناثر من ذاكرتنا.
“النسيان رديف الموت”.. ألا يعني ذلك أنه نوع من خيانة..؟
وأحياناً يكون خيانة مشتهاة..
غالباً هو كذلك حين يصبح الخوض في منطقة مشاعر أو رغبات منتهية الصلاحية خطيراً لأنها تغدو ضارة..
المفارقة.. كيفية انقلاب وتحوّل ما كان يوماً مصدراً لرغبة عارمة إلى النقيض والضدّ.
بالطبع ما كان صادقاً وحقيقياً لا يموت في الذاكرة ولا نحن نتغافل عنه.. ما يحدث أنه يغفو لحين من الوقت داخلنا ليس إلا.. كنوعٍ من آلية دفاعية وربما لاشعورية.
العديد منا لا يخطر له أن منطقة (المشاعر، الأشواق، والرغبات) تحمل أجمل جزء من “الأنا”.. الجزء الأعمق منها..
إنها منطقة الأسرار الأكثر جمالاً وحميميةً والتقاطاً لبذرة الأصل فينا..
منطقة خصبة لإطلاق شرارة أحلام يقظة لا تهدأ..
المنطقة اللامرئية منا لكن الأكثر تأثيراً وتحريكاً لنا..
كيف نحمي رغباتنا من الانطفاء..؟
تُشحذ الرغبات بحسب الظروف التي أنتجتها ..
فماذا عن ظروف بقعة جغرافية غرقت رغبات التمني فيها إلى سابع طبقات الأرض..؟
كيف ننتشلها..؟
وفق باشلار: خلق الإنسان للرغبة وليس الحاجة.
الرغبة هي الشغف..هي منطقة الجوع الذي لا يُشبع..ولا يتم إسكاته على الإطلاق.. وكلّما تمّت محاولة إرضائها تبتغي المزيد..
وليست حياتنا سوى عبارة عن تخطيط لمحاولة إتقان صيد الرغبات.. مسايرتها.. والحفاظ عليها.
“انتفاء الرغبة مأساة”، بالقياس الى ما ذكرته إميلي نوتومب “انتفاء الجوع مأساة”.. (الجوع هو أن تريد. هو رغبة أشمل من الرغبة… الجائع هو من يسعى)..
وكأنها منحتنا مفتاحاً لعلاج مدة الصلاحية المنتهية لبعض رغباتنا، بالمزيد من السعي لا أكثر.. ويكفي أن نكتشف سر الديناميكية الغائرة في عمق ذواتنا الجائعة..
لأن “الجوع، الرغبة، الشغف” (فعل إرادة ليس في طاقة أحد احتماله)..
الجوع هو الوجه الأعمق لشهية لا تهدأ ولا تنطفئ.
رؤية -لميس علي