الثورة أون لاين:
لم يمنعها جلوسها على كرسي متحرك من التجوال في مختلف أنحاء العالم واكتشاف عوالم وثقافات جديدة.. إنها الإيطالية جوليا لاماركا.
جلست عالمة النفس ومدونة السفر، جوليا لاماركا، في 6 تشرين الأول 2011 على كرسي متحرك جراء حادث دراجة نارية تسبب في إصابتها بشلل نصفي جزئي، لكن ذلك لم ينل من حبها وشغفها بالسفر.
حيث وُلدت لاماركا عام 1991، وأصلها من مقاطعة تورينو بشمالي إيطاليا، وهي أيقونة على مواقع التواصل الاجتماعي وملهمة لأكثر من 116 ألف متابع على أنسنقرام.
وهي الشابة التي حولت مأساتها إلى مصدر إلهام لكثير من أصحاب الهمم، وراحت تجوب العالم على الكرسي المتحرك.
بعد اللحظات الأولية لمأساتها وسؤالها لنفسها الكثير من الأسئلة مثل، كيف سأستعيد حياتي مرة أخرى؟، هل سأشعر بالسعادة في الحياة مرة أخرى؟، استطاعت التغلب على العراقيل، والمخاوف والشكوك، والتساؤلات.
وركزت جوليا على الجوانب الإيجابية الذي كانت ما زالت بين يديها، وعلى الأشياء التي كانت ما زالت يمكن القيام بها، بالطبع بطريقة مختلفة وببعض الصعوبات.
كانت جوليا تبلغ من العمر 19 عاماً عندما أصيبت بالشلل جراء الحادث، وفي الـ20 من عمرها أصبح الكرسي المتحرك هو صديقها المقرب.
وجدت لاماركا في السفر وسيلتها للولادة مرة أخرى وخلاصها من الحزن والإحباط، فهي ابنة لعائلة محبة للتخييم والانتقال الدائم والعيش في الحافلات، ورثت حبها للسفر من والديها، بسفرها واكتشافها لأماكن وثقافات جديدة وصلت لـ23 وجهة، مثل إيطاليا، اليابان، أستراليا، النرويج، تايلاند، وإندونيسيا.
كما شرحت لاماركا كيف حولت عائق واضح للجميع إلى مصدر انطلاق، بعدم تركها للكرسي المتحرك بأن يكون عائقها لتحقيق أحلامها ومشاريعها، فالقوة وجدتها في الأسفار.
وعن حديثها عن فترة علاجها قالت: “كانت سنواتي الأولى بعد الحادث، هي الفترة الأكثر حزناً في حياتي، كرهت فيها قدمي، فمن وجهة النظر العملية، كان يوجد الكثير من الأمور الجديدة عليّ التي يجب التعامل معها، وليس فقط الكرسي المتحرك، ولكن المشكلة كانت كل شيء يدور حوله.
لم ارتدي الجوارب والتنورات لمدة 3 أعوام كاملة، ولكن ذات يوم، قلت لنفسي يجب أن أعطي لقدمي والعجلات والكرسي المتحرك فرصة لأكون جميلة، ومع الوقت، بدأت في تقبل الأمر”.
حاربت لاماركا السلبية بمساعدة السخرية، فالمزاح ساعدها على رؤية الإيجابية التي لم تكن موجودة، فعلى الرغم من مأساة الموقف، فإن الإيجابية كانت حاضرة.
خرجت لاماركا من المستشفى بعد 9 أشهر من تعرضها للحادث، لتحضر على الفور حقيبة سفرها للذهاب إلى قبرص، ثم إنهاء عامها الأصعب في أستراليا.
لا شيء استطاع إيقاف شغفها للاكتشاف والاستكشاف، حب مزروع بداخلها منذ طفولتها، جاء من اعتيادها الانتقال مع أسرتها من مكان إلى آخر طوال الوقت نحو أماكن وثقافات جديدة.
وعن سؤالها كيفية تنظيم رحلاتها، قالت: “في الأعوام الأولى من رحلة استكشافي للعالم، كنت أنظم رحلاتي على طاولة الطعام، بتحديد الوجهة التي أرغب في زيارتها وكيف يمكن الوصول إليها ثم أبحث عن شخص ما قام بالأمر من قبلي لسؤاله عن كافة الأمور المتعلقة”.
منذ يوم الحادث وحتى اليوم، لم تحرم جوليا نفسها من أي شيء مطلقاً، فبصحبة شريك حياتها وزوجها أندريا ديكارليني (أخصائي العلاج الطبيعي الذي التقت به أثناء فترة نقاهتها في المستشفى) بدأت رحلة مليئة بالمغامرات منذ عام 2012 وحتى يومنا هذا.
أما الحدث السعيد على الإطلاق الذي زاد حياتها فرحة، أنها أصبحت أماً في الأول من تشرين الأول عام 2021، بعد نشرها لكتابها الأول “Prometto che ti darò il mondo أعدك بأنني سأمنحك العالم”، الذي كرسته لصوفي، ابنتها الصغيرة وحلمها الذي رغبت فيه طوال حياتها.
واعتباراً من كانون الثاني المقبل، وبناءً على فتح البلدان لحدودها، ستقوم العائلة بأكملها برحلة حول العالم لاكتشاف أماكن جديدة، ولكن هذه المرة بصحبة الصغيرة صوفي.