يتحمل المعلمون والمدرسون جهوداً تفوق قدرة الإنسان على التحمل مقابل رواتب وأجور لا تكفيهم عدة أيام، ولا تقف معاناة المعلمين في المدارس عند الحصة الدرسية فقط وما فيها من جهد مضن ومشكلات ومعيقات تربوية تحول بين المعلم وأداء واجبه على أكمل وجه، فأغلب المدارس تفتقر إلى أبسط وسائل الراحة النفسية للمعلم من اكتظاظ للطلاب في الصفوف، والذي يتطلب صوتاً عالياً دون وجود معينات صوتية كمكبرات للصوت، إضافة إلى أن مدارسنا غير معزولة عن الخارج لتمنع الضوضاء حتى يعطي المعلم درسه بهدوء وانضباط وهذا كله يؤدي به في نهاية المطاف إلى الإصابة بأمراض الحنجرة وغيرها من الأمراض المزمنة، عدا عن مراعاته لنماذج وأهواء الطلاب المختلفة، هذا غير الأعباء المرتبطة بالاختبارات الطلابية أي المذاكرات والامتحانات، حيث يقوم المعلم بتصحيح مئات الأوراق الامتحانية على مدار العام الدراسي ويقوم بتثبيت درجاتها حسب الشعب والصفوف، هذا غير مهمة ومسؤولية وضع الأسئلة ومراعاة مستويات الطلاب وشمولية الأسئلة، وهو يقوم بهذه العملية في أغلب الأحيان في الظلام في ظل ظروف التقنين التي أتعبت الجميع.
فكم هي عدد ساعات العمل التي يقضيها المعلم في تصحيح الأوراق الامتحانية إذا أخذت كل ورقة امتحانية منه عدة دقائق فقط.
طبعاً العملية الامتحانية لا تقف عند حدود السنة الدراسية بل تمتد إلى أشهر الصيف، حيث يتم تكليف المدرسين بتصحيح الأوراق الامتحانية للشهادات بأنواعها مقابل ليرات معدودة لكل ساعة تصحيح لا تعادل الحد الأدنى من الجهد المبذول في تصحيح الأوراق الامتحانية في أشهر الصيف القائظة.
وهذا كله لا تعتبره وزارة التربية عملاً بل تعتبره من مهام المدرس، ولا تحتسب له أجراً، مع أنه يعد عملاً إضافياً إلى جانب عمله الإضافي الخاص الذي لجأ إليه تحت ضغط حاجات أسرته في ظل هذا الغلاء الفاحش.
ويضاف إلى معاناة هذا المعلم طريقة وصوله إلى مدرسته دون وجود وسائل نقل تقله إليها، واضطراره إلى دفع مبالغ كبيرة حتى يصل إليها في الوقت المناسب.
كل هذه المعانة للمعلمين تجري تحت سمع وبصر الجهات المعنية، بلا أي تعويض عما يخسرونه من صحتهم وأعمارهم، وكأننا ندفعهم دفعاً إلى ترك هذه المهنة السامية التي تبني الأجيال غاية الحياة ومنطلقها.
عين المجتمع – ياسر حمزه