الثورة أون لاين – خلود حكمت شحادة:
ضمن فعاليات الاحتفاء بأيام الثقافة السورية قدم الصحفي محمد النجم محاضرة بعنوان وسائل الإعلام من الخصوصية إلى التشابك في المركز الثقافي العربي بالمزة تحدث فيها عن الإعلام بين الماضي والحاضر ولاسيما عن الفترة ما قبل انبلاج عصر الإنترنت والسوشيال ميديا حيث كانت وسائل الإعلام التقليدية من (صحف- مجلات- إذاعات- تلفزيونات) تحتفظ بخصوصيتها المعهودة، فالصحيفة كانت تصدر بالطرق التقليدية وتتوجه إلى نسبة معينة من الجمهور المتلقي تبعاً لحجم الطباعة والتوزيع اليومي، وكانت مستلزمات العمل لا تتعدى في كثير من الأحيان القلم والورق فقط للكتابة، وكذلك الأمر بالنسبة للإذاعة التي كانت تبث برامجها بذات الطريقة اليومية وبالمعدات المتوفرة آنذاك، وكذلك الأمر بالنسبة للتلفزيون، ولم يكن ينازع هذه الوسائل أي منافس، وكان هامش التشابك أو التكامل فيما بينها ضئيلاً ولا يؤثر على كينونة كل وسيلة من هذه الوسائل التقليدية، بحيث كانت كل واحدة منها تمثل مملكة مستقلة بذاتها.
لكن مع مرور الوقت وبدء عصر الإنترنت والزحف الكبير لوسائل التواصل والاتصال على ساحة العمل والإنتاج الإعلامي، خرجت هذه الوسائل من عباءتها التقليدية وبدأت تلبس أثواباً جديدة ما كانت تخطر على بال الكثيرين، وفي كثير من الأحيان خرقت الكثير من قواعد العمل الإعلامي، وخلطت الكثير من الأوراق في حقل الإعلام والرأي العام، وبدأت وسائل بالدخول إلى ساحات وسائل أخرى بغض النظر عن خصوصيتها المعهودة.
واستعرض النجم أهم اشكال التحول في أنماط عمل وأداء وسائل الإعلام التقليدي والحديث وهي نسخ إلكترونية من الصحف والمجلات الورقية، الأمر الذي أعطى هامشاً أكبر من المضامين التي كانت محكومة بمساحة محددة وبعدد محدد من الصفحات الورقية، وفي ذات الوقت زاد من نسبة الوصول إلى شريحة أكبر من القراء العاديين الذين كانوا يتناسبون طرداً مع عدد النسخ الموزعة والمباعة بشكل يومي، فيما شكل تحديث الأخبار على مدار الأربع والعشرين ساعة ميزة جديدة لم تكن موجودة سابقاً فمجرد أن تذهب الجريدة إلى الطباعة في آخر الليل لا يمكن إضافة أو إلغاء أي خبر أو مادة صحفية إلا في ظروف استثنائية، لكن الإنترنت أنهى هذا العصر وسمح بالديمومة والاستمرار في النشر والتصحيح والتعديل والإضافة في أي وقت.
واليوم انتشرت مواقع إلكترونية منوعة لها كوادرها الصحفية وبرامج عملها المعتادة في الصحف والمجلات الورقية لكنها اعتمدت النشر والعمل والتواصل الإلكتروني بديلاً عن الورقي “كالمراسلة عبر الإيميل- واعتماد صور الديجيتال- والانتقال إلى التحرير الإلكتروني بدلاً عن الورقة والقلم”، وركزت على نمط معين من التغطية يتوافق مع مجالها وتخصصها سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم رياضية أم علمية و فنية واجتماعية، وفي ذات الوقت اعتمدت على صفحات موازية على موقع “فيسبوك” بهدف المشاركة وزيادة نسبة الوصول إلى عدد أكبر من المتابعين والقراء.
وذكر النجم وجود محطات إذاعية متلفزة، أضافت إلى جانب المنتج الإذاعي الصوتي مضامين جديدة كالشريط الإخباري والإعلانات والبرامج المرئية “صور- فيديو”، وصار بالإمكان سماع ومشاهدة البرامج الإذاعية على الشاشة إلى جانب المذياع، وبدأت الاذاعة بذلك تتوجه إلى المتلقي عبر العين إلى جانب الأذن في دوراتها البرامجية.
وانتقل بعدها للحديث عن قنوات إخبارية للصحف الورقية على موقع “يوتيوب”، سمحت بأن يتحول الصحفي إلى مذيع ومقدم برامج، يلتقي الناس في الشارع ويجري الحوارات في الأستوديو أو في الأماكن العامة بطريقة متلفزة، وتحولت الصحيفة إلى شكل من اشكال العمل التلفزيوني، وهذا الأمر أضاف تحدياً جديداً أمام التلفزيون وفتح باب المنافسة على مصراعيه بين وسائل الإعلام لتحقيق أعلى نسبة من المتابعة والمشاهدة و التفاعل بأشكاله العديد
ولم يغفل في حديثه القنوات الإخبارية على موقع “تيليغرام” والتي أصبحت متاحة للأفراد ولوسائل الإعلام، وتشكل قيمة مضافة جديدة تتيح الوصول إلى جمهور أكبر وانتشار أوسع، وتشكل إحدى الطرق المؤدية إلى وسائل الإعلام وما تبثه من أخبار وبرامج ومضامين منوعة.
1. إضافة إلى صفحات ومدونات عامة وخاصة على موقع “فيسبوك”، شكلت بمجملها شكلاً جديداً من أشكال العمل الإعلامي الذي أخذ طابعاً شعبياً في كثير من الأحيان، فصار بإمكان أي شخص امتلاك حساب خاص أو صفحة خاصة له يدون فيها ما يشاء عن حياته الشخصية والعملية وحتى العامة، وبرز في هذا الإطار ما سمي بصحافة المواطن، أو “الصحفي المواطن”، الأمر الذي كان له سلبياته وإيجابياته، لكن الخطير في هذا المجال هو عدم قدرة نسبة ليست بالقليلة من الناس على التعامل بطريقة واعية مع الإشاعات وما يسمى “الذباب الإلكتروني” لاسيما خلال سنوات الحرب الماضية، وكان لذلك آثار سلبية كثيرة، لكن الأمر كان مختلفاً بالنسبة للمختصين في مجال الإعلام الذين يمتلكون الأدبيات
الأساسية والمهارات الضرورية للعمل في هذا الحقل وامتلاك ناصية التأثير وعدم التأثر بمخاطره وكواليسه، وهو ما نلحظه في صفحات محطات التلفزة والإذاعة والصحف وفي حسابات وصفحات الإعلاميين، والتي تتميز بالرزانة والنشر المضبوط والهادف والبعيد عن اساليب الصحافة الصفراء التي تعتمد لغة الإثارة والمبالغة والتضليل، لكن الأمر بدا مختلفاً كثيراً بالنسبة لغير أهل الاختصاص.
ختاما ندرك جميعا أن عالم السوشيال ميديا يشكل تحدياً مفيداً لوسائل الإعلام ويرفع من منسوب التنافس فيما بينها وسيكون لذلك أثره الإيجابي في نمط الأداء الفردي والمؤسسي ووسائل الاتصال والتواصل سهلت العمل الإعلامي إلى درجة كبيرة مما عزز تأثير ومكانة الآنية بالنسبة للأحداث المتفاعلة، والتغطيات المباشرة، وهو أمر ينبغي تسخيره لتطوير المضامين وزيادة حدة المنافسة بين وسائل الإعلام، والتي حتماً ستنعكس إيجاباً على حقل الإعلام والجمهور المتلقي والمتفاعل.
والنتيجة بات الإنترنت مجالا مهما للوصول إلى الآخر والتأثير به والاستفادة من المخزون المعرفي والثقافي العالمي المتاح مجاناً للجميع.
مع التركيز على أهمية التدريب المستمر والمستدام بالنسبة للموارد البشرية العاملة في المؤسسات الإعلامية.