بقلم مدير التحرير – معد عيسى:
لا يختلف دور الصحفي في كتابة مادة صحفية عن دور اي ربة المنزل تبحث يوميا عن طبخة جديدة، فكما السيدة تفكر بما ستطبخ ، الصحفي يفكر بما سيكتب، وكما هي تعيد نفس الطبخة بعد فترة فإن الصحفي يعيد احيانا كثيرة الكتابة عن نفس المواضيع التي كتبها من فترة سابقة.
بالامس عدت لملفي الشخصي لاستعرض بعض المواد التي كتبتها منذ سنوات، وجدت أن أغلب المواد التي كتبتها صالحة للنشر من جديد ولا يحتاج الأمر لأكثر من تغيير العنوان ، فمشكلاتنا مازالت هي نفسها منذ سنوات طويلة، النقل، السكن، المازوت، الخبز، الغاز وغير ذلك من المشاكل التي يعاني منها المواطن مع فارق أن بعض المشكلات تولد عنها مشاكل أخرى بسبب بعض القرارات والخيارات غير المدروسة .
الغريب أن كل الخطط والاجتماعات والموازنات لم تحل مشكلة أو تقلل منها رغم أن الأمر في حالات كثيرة لا يتطلب من اعتمادات مالية أكثر مما يتم تخصيصه له، وان الخطط التي تم وضعها كانت للتخفيف من آثار الحرب والإرهاب والعقوبات، فمشكلة الكهرباء الآخذة بالتفاقم لم تكن تحتاج لأكثر من تغيير عقلية التخطيط بهذا القطاع والاتجاه لتنويع مصادر الطاقة واعتماد بدائل متنوعة ومتاحة، فالمشكلة الأساسية في هذا القطاع هي توفر الغاز والفيول ولن ينفع بناء عشرات محطات التوليد طالما لا يوجد وقود، والسؤال لماذا لم تذهب وزارة الكهرباء الى بناء مزارع ريحية؟ .. فكلفتها الإنشائية لم تعد أعلى بكثير من المحطات التقليدية ، ولا تحتاج لوقود ، والفرق في زيادة الكلفة يتم تعويضه بفارق الوقود بشهر واحد ، والمزارع الريحية تعطي الكهرباء على مدار الساعة والتقنيات تطورت كثيرا ، فهناك محطات تعمل على سرعات متدنية للريح وصلت الى 2.4 متر بالثانية بعد أن كانت 8 أمتار بالثانية .
منذ سنوات طويلة ونحن نسمع عن محطة توليد ريحية في الهيجانة وأخرى في قطينة ولكن لم يتم تنفيذ أي مزرعة ، و لدينا مناطق كثيرة قابلة للاستثمار فلماذا لم نخصص جزءا مما خصصناه من مبالغ لهذا الصنف من التوليد؟ هل تنتظر وزارة الكهرباء القطاع الخاص؟ .. القطاع الخاص لن يبادر وهذه مسؤولية الدولة ولن تستطيع وزارة الكهرباء دفعه للاستثمار بطاقة الرياح طالما هي لم تبدأ .
أشهر ويتم وضع محطة توليد اللاذقية بالخدمة ولكن بالغاز الذي تعمل به مجموعات توليد اليوم في محطات أخرى، وسنلمس فرقا بسيطا وهو فارق ارتفاع مردود التوليد كونها مجموعات جديدة ولكن المشكلة ستستمر ولن يكون الفرق ملموسا لدى المواطن.
المشكلة ستستمر طالما نتجاهل الطاقة الريحية والسجيل الزيتي، و لن تنفع كل التبريرات والتصريحات والتنبؤات بحل مشكلة الكهرباء طالما نصر على تجاهل مواردنا المتاحة.. وما ندفعه لتأهيل محطات سقطت زمنيا وتقنيا وجدوى ومردودا، ليس أكثر من هروب إلى الأمام.
الحرب دمرت ، والعقوبات والحصار حرموا منشآتنا من الصيانات والعمرات…. ولكن ماذا فعلنا نحن للتخفيف من الآثار الكارثية؟
لو أننا بدأنا بتركيب مزارع ريحية بدل محطة اللاذقية وبنفس المبالغ لكان اليوم لدينا على الأقل مئة ميغا تعمل دون وقود، ولو تم بناء مزارع ريحية بالمبالغ التي تم تخصيصها للمجموعات البخارية المتوقفة رغم توفر الفيول لكنا أنجزنا شيئا مهما ونلمس مردوده.