الثورة _ عبد الحميد غانم:
تتصاعد المظاهرات والاضطرابات في تركيا احتجاجاً على سياسات أردوغان ونتائجها السلبية على حياة الأتراك، وتراجع اقتصاد البلاد، وتزايد التضخم وهبوط مستوى قيمة الليرة التركية.
و بحسب مصادر الشركات التركية الخاصة، فإن نسبة التضخم وصلت إلى 45% ما يُنذر بمزيد من الفقر والديون.
كما انخفضت قيمة الليرة التركية لتصل إلى 11 ليرة مقابل الدولار الأميركي في منتصف تشرين الثاني 2021 وهذا هو أدنى مستوى وصلته.
هذه الأرقام أدت إلى تصريحات من مختلف الفئات انتقدت أداء الحكومة وقرارات رئيس النظام التركي وخاصة القرارات المتعلقة بالمصرف المركزي في تركيا. حيث أقال أردوغان ثلاثة محافظين للبنك المركزي خلال العامين ونصف العام الماضية بسبب خلافات حول السياسة النقدية، ما أدى إلى تقويض الليرة وإلحاق ضرر شديد بموثوقية السياسة النقدية التركية والقدرة على التنبؤ بها.
حتى جمعية الصناعة والأعمال التركية “توسياد” المقرّبة من أردوغان انتقدت سياساته الاقتصادية، ودعت إلى استقلالية البنك المركزي.
ويواجه أردوغان مشكلة كبيرة اليوم وهي تراجع ملحوظ في شعبية حزبه في مقابل زيادة شعبية المعارضة، إذ تشير استطلاعات الرأي في تركيا إلى وجود تراجع كبير في شعبية حزب العدالة والتنمية في الأشهر الأخيرة حتى وصلت إلى أدنى مستوى لها.
فبالاستناد إلى مراكز الدراسات التركية الموثوقة والتي تقوم باستطلاعات رأي بانتظام – صوّت 30.5% لحزب العدالة والتنمية، و8.8% لحليف أردوغان حزب الحركة القومية، و26% لحزب الشعب الجمهوري المعارض، و14.1% لحزب الجيد المعارض، و1.9% لحزب المستقبل المعارض، و3.1% لحزب الديمقراطية والتقدم المعارض، و1.3% لحزب السعادة المعارض، و10.8% لحزب الشعوب الديمقراطية الذي يمثّل الأكراد.
بهذه الطريقة تصبح نتيجة المصوّتين لمصلحة تحالف الجمهور المؤلف من حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية 39.3%، بينما نتيجة الذين صوّتوا لتحالف الأمة المعارض 46.4%.
فالمعارضة هذه المرة موحدة، وتسعى للاتفاق على مرشّح واحد في وجه أردوغان على عكس الانتخابات السابقة في عام 2018 التي ترشّح فيها 6 لمنصب رئاسة الجمهورية.
فهذه المرة تتشكّل المعارضة من تحالف يضم كلاً من حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي وحزب الديمقراطية والتقدم بقيادة نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، وحزب المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، إضافة إلى هؤلاء هناك سعي إلى إشراك حزب الشعوب الديمقراطي الممثل للأكراد في التحالف المعارض.
تشكيل هكذا تحالف يقلق أردوغان كثيراً خاصة بعد تجربة الانتخابات المحلية في عام 2019 التي أدت إلى فوز المعارضة في المدن الرئيسية مثل أنقرة وإسطنبول، ما شكّل صدمة كبرى لحزب العدالة والتنمية، وكانت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الجيد قد أعلنت سابقاً أنها ليست مرشحة للرئاسة بل هي مرشحة لرئاسة الحكومة بعد فوز المعارضة بالانتخابات وإعادة النظام البرلماني إلى البلاد.
بهذه الطريقة تتزايد فرص المعارضة بالاجتماع حول مرشّح واحد في وجه أردوغان.
وتلتقي هذه التحديات الداخلية التي تواجه أردوغان مع التحديات الخارجية إذ تلقى ممارسات أردوغان رفضاً أوروبياً وأمريكياً نتيجة لسياساته الداخلية القمعية التي لم تعد مقبولة داخلياً ولا حتى دولياً، لكنه رغم ذلك يحاول الالتفاف على الضغوط الغربية للخروج بأقل الخسائر، إلا أن الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون الفيصل في خروج أو عدم خروج أردوغان وحزبه من المشهد السياسي.. فهل تقضي الاضطرابات التركية على مستقبله السياسي.. النتيجة رهن التطورات القادمة