الثورة – بقلم أمين التحرير ناصر منذر:
جريمة سلخ لواء اسكندرون، في ذكراها الثانية والثمانين، تعيد إلى الأذهان التاريخ الأسود للسفاحين العثمانيين، أجداد المجرم أردوغان، الذين استولوا على اللواء وأخذوه كنوع من الرشوة بموجب اتفاق ثلاثي مع الاحتلالين الفرنسي والبريطاني عام 1939مقابل وقوف الدولة العثمانية إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وهو ما يحاول اليوم نظام أردوغان تكراره من خلال دعمه للتنظيمات الإرهابية، وشن قواته عدواناً موصوفاً على الأراضي السورية، واحتلاله أجزاء من الأرض، وارتكابه العديد من المجازر بحق السوريين، وسرقة مصانعهم وثرواتهم النفطية ومحاصيلهم الزراعية.
بين لواء اسكندرون السليب الذي سيبقى المحافظة السورية الخامسة عشر، وبين الجولان المحتل تمتد شرايين وطن تضخ فيها دماء أجيال لم تنس يوماً أنهما جناحان كبل أحدهما عدو صهيوني غاصب، وسلب الآخر استعمار حاقد وقدمه بغير حق هبة لنظام تركي لم يخف مطامعه في أرض سورية يوماً.
ويقع لواء اسكندرون شمال غرب سورية، ويطل على البحر المتوسط ممتداً على مساحة 4800 كم مربع، ويسكنه اليوم أكثر من مليون نسمة، ولم تكن تبلغ نسبة الأتراك فيه عام 1920 أكثر من 20 بالمئة، وقد حرره العرب في العام 16 للهجرة من الاحتلال البيزنطي وأعادوا إليه هويته وعمروا أرضه وحصنوه كخط أول في مواجهة الروم البيزنطيين، وبقي قلعة وثغراً عسكرياً متأهباً في مواجهة محاولات الغزو الخارجي.
أسماء الجبال والسهول والمدن في لواء اسكندرون تنطق بتاريخ وهوية الأرض، فأنطاكية واسكندرون والريحانية والسويدية أسماء تفوح منها عروبة المدن والأمانوس والأقرع وجبل موسى والنفاخ أسماء لا تخفي هويتها السورية.
ووقع اللواء بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى ضحية اتفاقية التقسيم سايكس بيكو التي تمت بشكل سري بين فرنسا وبريطانيا عام 1916 وكان من نصيب الاحتلال الفرنسي فاعترفت الدولة العثمانية بالهزيمة وأقرت بعروبة اللواء في معاهدة سيفر في الـ 10 من آب عام 1920 التي وقعت مع قوات الحلفاء، واستغلت تركيا اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول عام 1939 والوضع القائم في أوروبا وحاجة الحلفاء إلى ضمها إليهم أو إبقائها على الحياد وخاصة أنها بعد معاهدة مونترو التي عقدت في ال20 من تموز 1939 أصبحت تسيطر على المضائق في زمن الحرب فأعلنت ضم اللواء نهائياً إليها.
وبقي اللواء بعد سلخه عن سورية من وجهة النظر القانونية الدولية منطقة مستقلة تتبع سورية في شؤونها الخارجية وترتبط معها في العملة والجمارك والبريد، ولم تعترف عصبة الأمم التي قامت على أنقاضها منظمة الأمم المتحدة الحالية بكل الإجراءات والتغييرات التي أحدثتها فرنسا وتركيا باللواء والمخالفة للقوانين والأنظمة التي وضعتها.
الوقائع والحقائق الميدانية على الأرض، تؤكد بأن الجرائم التي يرتكبها النظام التركي اليوم بحق المدنيين السوريين وحقوقهم، فاقت ما ارتكبه أسلافه من مجازر بحق الأرمن وغيرهم، وفاقت أيضاً جرائم أجداده الذين سرقوا لواء اسكندرون، إلا أن الحق السوري في اللواء باق حيث لاتزال ذكراه خالدة في عقول السوريين ووجدانهم كأرض عربية سورية محتلة لابد أن تعود إلى أصحابها مهما طال الزمن.
اليوم تحل ذكرى جريمة سلخ اللواء عن الوطن الأم سورية في وقت يكتب السوريون الفصل الأخير من انتصارهم على الإرهاب المدعوم من الغرب الاستعماري والنظام التركي، مكرسين زمن الانتصارات الذي سيتكلل باستعادة الأرض السليبة والجولان السوري المحتل