الثورة – فردوس دياب:
هل هو التسرع، أم هي المغامرة الغير محسوبة العواقب بعيداً عن أي اعتبار للتقييم والنتائج وآلية التطبيق في المدارس، كثيراً من التلاميذ والطلاب لا يعرفون شيئاً عن هذا المصطلح الجديد على منهاجهم، ربما هذا يكون طبيعياً وعادياً، لكن الشيء الغير طبيعي و الملفت والمثير للدهشة، هو أن كثيراً من المعلمين لا يعرفون بالمقابل أيضا أي شيء عن هذه المادة التي ” حشرت ” بحسب الكثير منهم عنوة في المنهاج بذرائع ومبررات منطقية ومقنعة!؟، إلا أنها كانت تحتاج وقتا أطول قبل إضافتها، من أجل تقييمها وتهيئتها واستكمال طباعة وتوزيع كتبها والأهم من ذلك تدريب كوادر متخصصة في إعطائها.
بعد مضي نحو شهرين ونصف على العام الدراسي ولا يزال دليل ” التعلم الوجداني” غائبا عن معظم المدارس رغم أن وزارة التربية بحسب مديرية تطوير المناهج قد طرحته على المنصة الالكترونية، لكن هذا الأمر من شأنه أن يثير العديد من الأسئلة الإشكالية، التي يبدو أبرزها على الإطلاق، هو كيف للمعنيين في وزارة التربية أن يقرروا ويضيفوا مادة إلى المنهاج، والكثير من المدرسين المعنيين بتدريسها لا يعرفون عنها شيئاً ؟.
إجابات صادمة ..
سألنا الكثير من المعلمين والمدرسين عن مادة التعلم الوجداني، فكانت الإجابات بقدر ما هي مفاجئة وصادمة، بقدر ما هي كانت واضحة وصريحة، حيث تقاطعت عند الإجماع عن جهلهم التام بمضمون هذه المادة وما الغاية والهدف منها وعلى حساب مواد أخرى، لاسيما مادة اللغة العربية.
البداية كانت من مدرسة جورج طعمة في ريف دمشق، حيث قالت معاونة المديرة الآنسة بشرى محمود عمران: لم يصلنا من وزارة التربية أي شيء يتعلق بمادة التعلم الوجداني ، ونحن نقوم بتدريسها من خلال الاستعانة بالمنصة التربوية، من خلال الاستعانة بقصص حياتية عن التنمر وضرورة التعاون بين الطلاب، مضيفة أنها خطوة جيدة لكنها كانت تحتاج إلى دراسة أكثر من قبل المعنيين لتعزيز الوعي عند الأطفال لاسيما بعد مرحلة الحرب التي أفرزت سلوكيات وتصرفات عنيفة وهدامة عند أبنائنا.
على حساب مواد أخرى ..
أما الآنسة بشرى عبد الخالق مديرة مدرسة صالح أبو خليف فقد قالت بدورها: إنه لا يوجد كتاب لمادة التعلم الوجداني، بل هناك دليل يمكن متابعته عن طريق المنصات التربوية (دورات ومهارات حياتية ) عن كيفية تعامل أبنائنا مع ظروف وتطورات الحياة وكيف يدافعون عن حقوقهم وواجباتهم.
من جانبها قالت المرشدة النفسية في مدرسة المتفوقين بريف دمشق ميس غنام: إنها تقوم بتدريس التعلم الوجداني من خلال صفحة الوزارة وعلى حساب مادة اللغة العربية والاجتماعيات، وهي عبارة عن نشاطات وقيم ومهارات حياتية فقط.
خطوة غير مدروسة ..
من جهتها أكدت عبير منصور معاونة مدير مدرسة عارف النكدي أن هذه الخطوة غير مدروسة وكانت تحتاج إلى دراسة وروية أكثر، وهي جاءت على حساب مواد أخرى كالعربي التي تحتاج أصلاً إلى حصص إضافية لاستكمال المنهاج في وقته المحدد، مشيرة أن إضافة مادة هامة كمادة التعلم الوجداني إلى المنهاج تحتاج إلى دورات موسعة للأساتذة والمعلمين الذين أوكلت لهم مهمة تدريسها لا أن يبقى الموضوع مجرد تواصل افتراضي على منصات وزارة التربية.
ومن أمام تجمع مدارس الباسل في أشرفية صحنايا فقد كان للطلاب، سامر و ريان وحسام ولؤي وحسن ومحمد وشاهين وتمارا ونسرين وشهد وغفران ودلال وغادة وفرح وماري وسلام ( طلاب في المرحلة الإعدادية والثانوية )، رأياً مماثلاً لكثير من المعلمين والأساتذة، حيث أجمعوا على أنهم لا يعرفون عن هذه المادة ولم يأخذوا أي حصة منها حتى الآن.
وزارة التربية : كتاب “التعلم الوجداني” وزع الكترونياً
ولمقاربة هذا الموضوع من وجهة نظر أصحاب القرار، توجهنا إلى وزارة التربية التي كان لها رأي مختلف بالموضوع، حيث قالت الدكتورة ناديا الغزولي مديرة المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية: إن كتاب “التعلم الوجداني” قد تم توزيعه الكترونياً على المدرسين والموجهين الذين يتحملون المسؤولية الكاملة في حال عدم وصول التعليمات والإرشادات عن ألية وطريقة تدريس هذه المادة.
أما فيما يتعلق بـ(عدم سماع الكثير من المعلمين عن ماهية التعلم الوجداني ) والتي وردت في في هذه السطور،
فقد أوضحت الغزولي أن هذا الأمر غير معقول والسبب أن جميع الصحف والمجلات سمعت به، فكيف لم يسمع بها المعنيون من المعلمين والمدرسين، عدا عن وجود حصتين ضمن الخطة الدرسية، فكيف لم يسمعوا بها؟
وأكدت الغزولي أن مادة التعلم الوجداني موجودة ضمن المنهاج منذ عام 2017م وهي لا تحتاج إلى متخصصين لتدريسها لأنها ستتحول إلى معالجات نفسية للطلاب وهو هدف غير مطلوب من المعلمين او المدرسيين، مضيفة أن المادة ليست تقليدية لأنها مصممة وفق أنشطة تفاعلية.
وعن كونها أضيفت على حساب حصص أخرى، فقد أشارت مديرة المركز الوطني لتطوير المناهج إلى أن ” التعلم الوجداني” ليست مادة حفظية ودعمها يكون بمصادر التعلم وليس بإضافة حصص درسية، موضحة أن المواد الأخرى التي جاءت على حسابها مثل اللغة العربية هي من المواد مصممة وفق المهارات فالكتب عبارة عن أنشطة ليتدرب المتعلم وفقها لإتقان المهارات المطلوبة، والأيام التي خصصت للتدريب الهدف منها إيصال الكتب والاطلاع على الجديد في المادة المؤلفة.
ماهية “التعلم الوجداني” ..
ولمن لا يعرف ما هو التعلم الوجداني فهو طريقة لتعزيز التنمية الشاملة للتلميذ من خلال تعليمه مهارات متنوّعة مثل: التنظيم الذاتي، والمثابرة، والتعاطف، والوعي الذاتي، واليقظة .
أما أهم مجالاته فنذكر مثلاً ، مجال الإدراك الذي هو عبارة عن تعزيز مهارات تُساعد التلاميذ على إدارة أنفسهم من خلال تنظيم سلوكهم، والانتباه، وتذكّر الدروس، وتنظيم المهام، وكذلك المجال الاجتماعي وهو عبارة عن تعزيز المهارات التي تُساعد التلاميذ على التعايش مع الآخرين من خلال تعليم التعاطف، والتعاون، والتواصل، والاستماع، وحلّ النزاعات، والتعرّف على الإشارات الاجتماعية، وأخيرا المجال العاطفي وهو تعزيز المهارات التي تُساعد التلاميذ على إدارة مشاعرهم كالغضب، والإحباط، والحزن، وتعلّمهم التعرّف على هذه المشاعر في الآخرين.
وبالتالي فإن التعلم الوجداني هو العملية التي يكتسب من خلالها جميع التلاميذ والطلاب المعرفة والمهارات والمواقف ويطبقونها لتطوير الشخصية، وإدارة العواطف، وتحقيق الأهداف الشخصية والجماعية، والشعور بالتعاطف مع الآخرين وإظهار التعاطف معهم، وإنشاء علاقات داعمة والحفاظ عليها، واتخاذ قرارات مسؤولة.