الثورة – ريم صالح:
لماذا يقترب الناتو من الحدود الروسية، ولماذا يرسل سفنه وطائراته الحربية إلى تلك الحدود؟!، وما الرسالة التي تحاول واشنطن إيصالها لموسكو، بعد إحاطتها بقواعد عسكرية من جميع الجهات، وتضخيم هيستيريتها العسكرية على الحدود الروسية؟!، وما معنى أن ترصد وسائل المراقبة الوطنية الروسية أسبوعياً تحليق أكثر من 50 طائرة استطلاع وطائرة مسيرة أمريكية غربية بطول حدود روسيا؟!، ثم ماذا عن الصواريخ التي ازداد الحديث عنها في الآونة الأخيرة والتي قد تظهر بأوكرانيا في أي لحظة، والتي يمكنها الوصول إلى قلب العاصمة الروسية في دقائق معدودة؟!.
المؤكد لنا جميعاً أن الولايات المتحدة وأتباعها من أنظمة الانقياد والتبعية الأوروبية يتعمدون شيطنة موسكو وإظهارها على أنها سبب كل المشاكل والقلاقل التي تثار بين الفينة والأخرى في البحر الأسود، رغم أن الحقيقة الماثلة أمام الجميع ويكاد لا يختلف عليها اثنان بأنه دائماً وأبداً وأينما وجدت أمريكا وجد الإرهاب، والخراب، والدمار، والحروب، والكوارث، وانعدمت الإنسانية، وانتفت الحقوق، وسلبت الثروات، واستعمرت الشعوب.
التصعيد الأمريكي والغربي حيال موسكو بلغ أوجه خلال الفترة الماضية، حيث صب كل من الأمريكي، ومعه أنظمة دول “الناتو” جام حقدهم صوب موسكو، وعمدوا على قلب الحقائق على الأرض، فسعروا من حرارة الميدان، وفبركوا الروايات المضللة، ليس هذا فحسب، بل إن وزير خارجية النظام الأمريكي، أنتوني بلينكن، حذر الثلاثاء، على هامش اجتماع لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاتفيا، من أن ما سماه أي “عدوان روسي” جديد، بحسب تعبيره، على أوكرانيا سيستدعي ردا خطراً، ولم يحدد بلينكن طبيعة الرد الأمريكي المحتمل، وإنما لفت إلى أنه يريد أولا استشارة حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي في هذا الشأن.
أما الأمين العام للناتو ينس ستولتنبيرغ وفي سياق التصعيد أيضاً ضد موسكو استخدم للمرة الأولى كلمة “النظام” لوصف الحكومة الروسية، متهما موسكو بخوض ما سماه سياسة “عدوانية” إزاء دول أخرى و”ظالمة” داخلياً، متجاهلا حقيقة أن هذا الحلف الذي يقوده هو من يعتدي على سيادة الدول التي تناهض سياسة الهيمنة الأميركية والغربية، وهو من يشعل فتيل النزاعات والحروب للتدخل في شؤون الدول الأخرى بهدف نهب خيرات وثروات شعوبها.
وفي ظل هذا التصعيد، لم تقف موسكو مكتوفة الأيدي حيال ما يعصف بها من إحداثيات هدفها الأول والأخير ابتزازها ، وحصارها، وخنقها، وصولاً إلى الحصول منها على تنازلات، باعتبارها كسرت شوكة الأمريكي، وحطمت أوهام القطبية الأحادية، وكان لها الدور الأكبر في لجم نزعة الكاوبوي الأمريكي للعسكرة وإراقة الدماء، ولعل المشهد السوري هو خير مثال على ما نقول.
موسكو قالتها بوضوح، وعلى لسان رئيسها فلاديمير بوتين بأن توسيع البنية التحتية العسكرية للناتو في أوكرانيا خط أحمر بالنسبة لروسيا.
بينما وزارة الخارجية الروسية و في بيان نشر على موقعها الإلكتروني قالت إن موسكو تجد نفسها مضطرة للرد على تحركات الناتو بالقرب من حدودها بشكل متناسب ومتزن ومعتدل، موضحة أنه في الفترة الأخيرة كان هناك تعزيز جسيم لوجود الناتو العسكري في منطقة البحر الأسود، ومما يدل على ذلك زيادة زيارات سفن حربية حاملة للصواريخ، وطلعات طائرات استراتيجية أمريكية، وإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق، بما في ذلك تدريبات غير مخطط لها مسبقا.
وشددت الخارجية على بطلان المزاعم بشأن تضخيم “الوجود العسكري الروسي في أوكرانيا” والمقصود به نشاط روسيا العسكري في شبه جزيرة القرم لأن هذه المنطقة تعد جزءا لا يتجزأ من روسيا ووجود قواتها المسلحة هناك مشروع تماما.
ووصف البيان المزاعم بأن وجود الناتو يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي بالوهمية، مشيرا إلى التبعات السلبية والمدمية لتدخلات الحلف في يوغوسلافيا وليبيا، إضافة إلى فشل قوات الناتو في أفغانستان بعد 20 عاما من وجودها هناك.
هذا في حين أصدر جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية بياناً رسمياً قال فيه إن “الأمريكيين والبريطانيين يقومون بتأجيج الصراع بشكل مصطنع من أجل محاولة إبراز روسيا بأنها المسؤولة عن جميع المشاكل التي تتزايد على الحدود الأوكرانية”.
من الواضح أن التصعيد الغربي ضد روسيا هدفه محاولة إخضاعها، والحصول منها على تنازلات في الكثير من الملفات الدولية الساخنة على الصعيد الدولي، باعتبارها قطبا مؤثرا على الساحة العالمية، ولكن هل بمقدور أميركا والغرب تحقيق أجنداتهم السياسية، وهم يدركون تماما مدى تنامي القدرات الروسية في الرد على أي استفزازات واعتداءات محتملة؟، فعليهم أن يحذروا من مغبة ارتكاب أي تهور عسكري، فهو لن يكون في مصلحتهم بكل تأكيد.