الثورة:
ضمن سلسلة ثمرات العقول التي تصدرها الهيئة العامة للكتاب صدر كتاب المختار من الريحانيات لفيلسوف الفريكة أمين الريحاني اختارها وقدم لها الزميل ديب علي حسن ..وفي تقديمه يطرح السؤال المهم؛
لماذا الريحانيّ.؟
ثمرات العقول ..عنوانٌ مغرٍ بعيد الغور, ثرّ الدلالات,شهيّ ناضج ’بستان يمتدّ منذ أن كان التدوين والتفكير ..يزداد اتساعاً كلّ يوم وكلّ ساعة..
فيه من ألوان العقل كافّة ,والعقول لا تتشابه ,و سرّ الخصوبة والإبداع في أن تتكامل وتتواصل و تتفاعل ..
فمن أيّ البساتين تختار وهل اختيارك موفق وما الأسس التي يمكن أن يقوم عليها اختيارك ؟ …كثير من الثمر لم يعد اليوم مطلوباً, لكنّه أدّى دوره في التطور والتقدّم وصار لبنة راسخة تمّ البناء عليها فهل نتجاوزها . وهل هذا اللون لم يعد من المفيد أن نملأ السّلال منه ؟
ثمار, نضجت في الماضي, لكن ما أشدّ حاجتنا إلى أن نقطف منها , وهي مازالت خضراء بهية ًتدق ّباب الحياة بقوّة.
من بستان أمين الريحانيّ ,هذه البذور التي نثرها ذات يوم ,وصارت شجرا يمتدّ إلى اليوم والغد
أوراق خضراء ,تزداد قوّة ونضرة ’لأنّها بنت الحياة ,ومن دمها ومائها, ولأنّ الريحانيّ خاض تجربة الحياة العريضة الواسعة ,التجربة شخصية, نعم, لكنّها متجذرة بالحياة فيها ما يجب أن نقف عنده وتقدمه ..
كان الريحاني رائداً رائياُ استشرافيّاً, في كلّ ما أنجزه وقدمه ,والرّائد لايكذب أهله ,بصيرته نحو آفاق الغد ..
اليوم ,بعد هذا الزّمن الذي مضى على بذور الرّيحاني مازالت الأسئلة نفسها, القضيّة ذاتها ..
كأنّ الحكيم الريحاني, مازال يعيش بيننا يلتقط ما يطرح من أسئلة كبيرة في قضايا الفكر والحياة, ويعمل على سكب خلاصة تجربته الواسعة لتكون أمام الجميع.
في الشعر والحياة والتأمّل واللغة والوطنيّة …
الرّيحاني , الأديب الشّامل والموسوعيّ الذي يعدّ ركناً من أركان الأدب المهجريّ , خاض الكثير من المعارك الفكريّة والثقافيّة حتى مع أقرانه في المهجر, وهو الذي يرى نفسه كما يقول جهاد فاضل عندما تناول العلاقة بين الرّيحاني ونعيمة , وكشف عما حوته الرسائل المتبادلة بينهما , فالرّيحاني كما يرى
(أنّه عندما تصدى لـ”نعيمة” كان يتصرف كسياسيّ أكثر مما كان يتصرّف كناقد أو حتّى كصديق، لقد كانت له أغراض في هذا الحدب المفاجئ الذي أبداه على “جبران”، وهو حدب لم يخف الهدف منه على “نعيمة”.
كما لا شكّ أن ّ”نعيمة” كتب ما كتب عن “جبران”، لا خضوعاً لمقتضيات منهج، أو لمستلزمات الوقوف أمام محكمة التّاريخ، إنّما كبداية لمهمّة جعلها إحدى مهمات حياته الأدبيّة ,والأساسية فيما بعد، وهي تحطيم “أسطورة جبران” وتنصيب أسطورته هو محلّها، فكتابه عن “جبران” كان البداية لا أكثر لأنّ ما كتبه، أو صرّح به في الصّحافة، وفي مجالسه، كان أشدّ وأدهى؛ مما عدّد في كتابه عن “جبران”، فـ”جبران” كان صديقه في الظّاهر، وعدوه في الباطن، ولم تعرف حربه على “جبران” أيّة هدنة على مدار حياته..
“الريحاني” كان يرى نفسه أفضل من الإثنين لا لريادته فقط، بل لسعة أفقه وشمول مشروعه قضايا أمته العربيّة ومصيرها ومستقبلها، أيضاً كان “جبران” و”نعيمة” مجرد أديبين بالمعنى المعروف للكلمة، يكتبان قصصاً وينظمان شعراً رديئاً حيناً أو غير رديء حيناً آخر، في حين كان “الريحاني” مفكراً وأديباً معاً، وكان هذا المفكر والأديب يتعالى على صاحبيه هذين، ويرى نفسه فوقهما، وهذا ما يستنتجه الباحث اليوم, وهو يدقق في مجمل الإرث الذي تركه الأدباء الثلاثة الكبار.)
الكتيب يقدم باقة منتقاة من تراث الريحاني ولا سيما من كتاب أنتم الشعراء وكذلك تجربة المهجر ووصفه لنيويورك ولبنان وغيرها.