الثورة – عبير علي:
في عالم الفن، تُعدّ الموهبة شغفاً يتجاوز الحدود، وتجسّد الفنانة الشابة شهد موسى هذا الشغف من خلال رحلتها الفنية التي بدأت منذ صغرها، محاطةً برغبة قوية في التعبير عن مشاعرها عبر الألوان والريشة.
تقول شهد في حديثها لصحيفة الثورة:” كنت وما زلت الداعمة الأولى والأخيرة والوحيدة لذاتي. أنا موهوبة منذ عمر الثامنة”، وتُعرف عن نفسها بأنها خريجة معهد الفنون التطبيقية والتشكيلية في محافظة طرطوس، وطالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق – قسم السينوغرافيا.
توضح شهد: “أحب كل شيء يندرج تحت مسمى الفن، ويمتد هذا الحب إلى موهبتي في الرسم.”
وتعود بذكرياتها إلى الطفولة حين سُئلت: “شو يعني فن يا شهد؟”، فكان جوابها البسيط والواضح: “الفن هو حياتي”، وتؤكد اليوم:”الفن هو حياة كاملة، فمن خلاله، ومع كل مرحلة من عمري، كنت قادرة على التعبير عن كل المشاعر التي تجول بداخلي.
كان ينظّم فوضى المشاعر داخلي، ويفتح لي مراكز الحب والسعادة في قلبي.
الفن أكثر شيء يجعلني أشعر أنني لست وحدي.”لم يكن الفن بالنسبة لشهد مجرد ريشة وألوان، بل كان حواراً صادقاً بينها وبين عواطفها.
تقول:”كنت أتحادث معه بالكلام والمشاعر، كأنه صديق روحي.”من الواقعية إلى التعبيرتنوعت أعمال شهد بين الفن التجريدي والتعبيري، وكانت دائمًا مستوحاة من المواقف والقصص التي تمر بها.
وتقول:”أحيانًا، من نظرة شخص أو كلمات أغنية، تنبثق لوحة تعبيرية تعكس مشاعرنا تجاه تلك اللحظة.”وتحرص دائماً على أن تصل برسوماتها إلى قلب المتلقي، مترجمةً أحاسيسه عبر لوحات تحكي قصصا وحكايات متعددة.
تعبّر شهد عن فرحتها عندما ترى المتلقي يتأمل لوحاتها ويغوص في مشاعره، معتبرةً أن هذا التفاعل هو ثمرة التعبير الفني الذي تسعى إليه.
وتضيف:”أحياناً أستخدم الأسلوب الواقعي للاقتراب من المعنى بشكل أوضح، لكنني لا أحبذ الواقعية المفرطة، لأنها تمنحني شعوراً جامداً لا يتحدث.
“تؤكد أن كل لوحة ترسمها تحمل بداخلها أثراً ومعنى خاصّاً في قلبها، وتقول:”لا يمكنني تفضيل لوحة على أخرى.”تتنوع خاماتها بين الزيت، الأكريليك، والمائي، لكن الحبر والرصاص يبرزان أكثر مؤخراً في أعمالها.
وتوضح: “من خلال هذه المواد، أستطيع أن أوصل إحساساً عميقاً، وكأن اللون الواحد يحتوي على تدرجات غير مرئية، لكنها محسوسة.”
تجارب فنية ومشاركات واعدة
خلال دراستها في معهد الفنون، شاركت شهد في “الأولمبياد الخاص بمعاهد الفنون” ضمن محافظة دمشق، ووصفت تلك التجربة بأنها: “متميزة وفريدة، علمتني تكوين شخصية شعورية ذات حدس عالٍ.”
كما شاركت في معرض فني ضمن معسكر المعهد، وتسعى اليوم إلى المشاركة في معارض خارجية.
وقد نالت شهد تكريماً سابقاً من بيروت كأفضل عمل فني، من قِبل الناقد السينمائي شربل الغاوي، كما عملت لمدة عامين في تدريب الأطفال على الرسم ضمن معاهد وأكاديميات خاصة، وتصف هذه التجربة بأنها: ” من أجمل التجارب التي قرّبتني من الأطفال، وساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم بأسلوب فني جميل.”
وتتابع اليوم توسيع مفهومها الفني، ساعيةً إلى إيصال رسائل شعورية مؤثرة من خلال لوحات متميزة. تقول بأمل:”أسعى لتحضير معرض الكتروني خاص بأعمالي، وأتمنى أن يتحول لاحقًا إلى معرض فني على أرض الواقع.”
وتوجه رسالتها لكل موهوب، طفلاً كان أو شاباً، وكذلك للأهالي:”لا تتخلوا أبداً عن الموهبة التي وُلدتم بها. إذا واجهتم الإحباط، واصلوا، فالفن أحد وجوه النجاة الحقيقية.”
رحلة لا تعرف التوقف
بين الألوان والتجارتعبر شهد عن امتنانها لكل ما تعلمته في رحلتها الفنية. فإلى جانب شغفها بالرسم، اكتشفت موهبتها في المكياج السينمائي، الذي يندرج ضمن مجال دراستها في السينوغرافيا، ووجدت فيه دعماً حقيقيّاً وموهبة فريدة تستحق التطوير.
لم تتوقف عند هذا الحد، بل أطلقت مشروعاً صغيراً للرسم على الملابس، وهو حلم قديم لطالما راودها.
تقول:”بدأت تدريجيّاً باستخدام ملابسي القديمة، وحولتها إلى قطع فنية جديدة تحمل طابعاً خاصاً.”
تؤمن شهد أن الحلم يحتاج إلى صبر وإصرار، وتطمح لأن يكبر مشروعها ليصبح علامة فنية تُعبّر عنها بصدق.وتختم حديثها بالتطلع إلى مستقبل واعد، مليء بالفرص، كي تسلط الضوء على موهبتها وتوصل رسالتها الفنية إلى جمهور أوسع.