أفرزت الحرب العدوانية على سورية الكثير من التحديات والصعوبات وكرست أنماطاً من المفاهيم الخاطئة والظواهر الغريبة عن مجتمعنا وعاداته وتقاليده ومنها ظاهرة العنف المنتشرة بين طلاب وتلاميذ المدرسة أنفسهم أو بينهم وبين معلميهم والاعتداء على الكوادر التدريسية والتصادم معهم، والتجمع خارج أسوار الحرم المدرسي بعد الانصراف وقيام البعض منهم بافتعال المشاكل والمشاجرات الأقرب لثقافة العصابات والتقليد الأعمى لبعض شخصيات الأفلام والمسلسلات وتقمص تلك الأدوار، وما تحمله من المخاطر والمواجهات التي تتطور أحياناً نتيجة تدخل الأهالي والأصدقاء، عدا عن انتشار موضة الموبايلات والتدخين ورفقة السوء والذهاب لأماكن اللعب والحدائق والمقاهي العامة بدل المدارس ما يؤثر في فرص تعليمهم ومستقبلهم بشكل خطير.
تنامي ظاهرة العنف في المدارس والإقرار بوجودها لا ينقصان من شأن المؤسسة التربوية ودورها المهم في تنشئة الأجيال ولكنها لا تستطيع بمفردها تحمل العبء، فهناك دور كبير للمجتمع والأسرة بالدرجة الأولى لأنها المسؤولة عن ميول الأبناء ،وضعف وسائل الإرشاد والتوجيه الاجتماعي سواء من قبل المدرسة أو من قبل أهالي وأسر الطلاب، ناهيك بالأعداد الكثيفة بالقاعات الصفية، الأمر الذي يعوق موضوع مراقبة الطلاب ويخفف من جودة التعليم نتيجة اختلال التوازن بين التعليم والتربية.
الهدف الأساسي للعملية التعليمية هو التربية وهي تأتي قبل التعليم لذلك يجب تضافر الجهود الأسرية والمدرسية وباقي المؤسسات المعنية للتصدي لتلك الظواهر الخطيرة ووضع الخطط لمواجهتها والحد منها لأن العنف المدرسي هو نتاج للثقافة المجتمعية وللتباينات الاقتصادية والاجتماعية الملحوظة بين الطلاب وتنوع البيئات واكتظاظ الصفوف.
انطلاقاً من ذلك يجب تخصيص مادة التعليم الوجداني لمناقشة الطلاب بموضوع العنف المدرسي وتوعيتهم بآثاره السلبية وكيفية التصرف الصحيح عند التعرض له والالتزام بآداب الحديث مع بعضهم وحل المنازعات بالطرق السلمية وتحفيزهم على اكتساب السلوكيات الحسنة وممارستها وتكريس قيم المحبة والتسامح وإدخال الأنشطة المدرسية المتنوعة وتحفيزهم لممارسة هواياتهم من رسم وعزف ورياضة وطرح الأنشطة الترفيهية البديلة وتزويد المدارس بالاختصاصات والمؤهلات المطلوبة من مرشدين واختصاصيين نفسيين لتقصي العنف ومختلف المشاكل التي يتعرّض لها التلاميذ والمشاركة بإيجاد حلول لها وعدم التساهل بموضوع الاعتداء على الكادر التدريسي أو التعليمي والأهم من ذلك هو إعادة الهيبة إلى المؤسسة التربوية و للمدارس والمعلمين كما كانت في السابق.
أروقة محلية-بسام زيود