في الوقت الذي يترقب فيه الشارع السوري اعتماد سياسة مكاشفة وشفافية توضح ما يشوب غالبية قرارات الجهات التنفيذية من تأويلات ولغط خاصة المتعلقة بملفات وقضايا اقتصادية ذات منعكسات مباشرة على الواقع المعيشي للمواطنين .
طالعنا مؤخراً كلام وصف بالصريح والجريء لوزير المالية و يلامس مشكلة حقيقية تواجه بشكل قاس وغير مسبوق العاملين بالدولة وهي تدني أجورهم واستسلامها أمام غول التضخم الحاصل بالأسواق إلا أن هذه الشفافية المطلوبة اقتصرت على توضيحه أن أي زيادة بالرواتب لن تشكل فرقاً بين ضعف الأجور والتضخم الحاصل أي بالمختصر ستكون بمثابة بحصة ترمى بجرة فارغة ملؤها يحتاج لوقت ليس بالقليل خاصة بظل تراخي وتبني أصحاب القرار الخيارات الأسهل بالنسبة لهم وأهمها زيادة أسعار المواد والخدمات على اختلاف انواعها بدلاً من إيجاد منافذ جديدة لدعم أي قرار قد يتخذ لزيادة الرواتب والأجور وفي مقدمها دعم قرارات زيادة الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية والاستثمارية عبر معالجة صعوبات ومعيقات عملها المستمرة منذ سنوات طويلة لتكون منتجاتها في السوق وتسد فراغ قلة العرض فيه .
نعم دائماً لدى المسؤول عشرات المبررات لتسويق قرارات زيادة الأسعار ويعتب على المواطنين الذين لا يقدرون ظرف البلد وينتقدون ويرفضون قراراته ولا يجد حرجاً من عجزه عن حل مشكلة ضعف الرواتب رغم ترويجه أكثر من مرة لتوجهات وإجراءات يعمل بموجبها ساهمت في تأمين واسترجاع عوائد مالية جيدة كانت تفوت على خزينة الدولة ولسنوات طويلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر عائدات مئات العقارات الحكومية المؤجرة كانت بليرات قليلة والقروض المتعثرة والضرائب من بعض كبار المكلفين وحملات الجمارك على مستودعات كبار المنتجين والتجار التي تحتوي مهربات فأقله أن تذهب بعض المليارات المحصلة مما سبق لتصب في بند زيادة الرواتب على مراحل بعد كل ارتفاع كبير يطال الأسعار حتماً لما كنا وصلنا لتلك الفجوة الكبيرة بين دخل العاملين في الدولة والتضخم الموجود حالياً.
ومع شفافية وزير المالية غير السعيدة بالنسبة للمواطن وتصاعد وتيرة مشكلات القطاع العام الصناعي والاقتصادي وبالتالي تراجع إنتاجه وزيادة أسعاره أيضاً ما يعني استمرار ذهاب قسم كبير من خزينة الدولة من القطع الأجنبي لفاتورة الاستيراد لايبدو أفق الحلول لمعاناة المواطن قريباً وخاصة مع شعار المراوحة بالمكان المعتمد من غالبية مؤسساتنا لمعالجة أزماتها.
الكنز -هناء ديب